اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 384
قال ابن جنى شمري منسوب إلى شمر وهو موضع قال والمعنى أنه يقول لأصحابه افنوا أنفسكم ليبقى ذكركم قال العروضي هذا التفسير في هذا الموضع ظاهر الإستحالة ولكنه يقول حمى فارس يقتل الخراب واللصوص فاعتبر غيرهم فلم يؤذوا الناس ولم يستحقوا القتل فبقوا يعني أنه إذا صل أهل الفساد كان في ذلك زجر لغيرهم فيصير ذلك حثا لهم على اغتنام التباقي وهو من قوله تعالى ولكم من القصاص حيوةٌ والشمري الكثير التشمر والإنكماش ولم يكن عضد الدولة من مكان يقال له شمر ولا سمعنا به ولا مدح له في أن يكون من شمر أو غيره وأراد بالتباقي والتفاني البقاء والفناء والذي ذكره ابن جنى غير بعيد يجوز أن يكون المعنى على ما قال لأن ما بعد البيت يدل على ذلك وهو قوله
بضربٍ هاج أطرابَ المنايا ... سوى ضرب المثالث والمثاني
يقول حمى أطراف فارس بضربٍ يطرب المنايا فيحركها لكثرة من يقتلهم وذلك الضرب سوى ضرب اوتار العود يريد أنه يضرب بالسيوف ولا يميل إلى ضرب العود
كأن دم الجماجم في العناصي ... كسا البلدان ريش الحيقطانِ
العناصي جمع عنصوة وهي الشعر في نواحي الرأي ومنه قول أبي النجم، أن يمس رأسي أشمط العناصي، والحيقطان ذكر الدراج وريشه ألونُ أي من كثرة من قتلهم من الناس وتفرقت شعورهم المتلطخة بدمائهم كان البلاد كساها بريش الدراج ذلك الدم في تلك الشعور
فلو طرحت قلوب العشق فيها ... لما خافت من الحدق الحسانِ
أراد قلوب أهل العشق والمعنى أن الأمن قد عم بلاد فارس حتى لو كانت قلوب العشاق فيها لما خافت سهام احداق الحسان
ولم أر قبله شبلي هزبرٍ ... كشبليه ولا مهري رهانِ
يريد بالشبلين ولديه وجعلهما كشبلي أسد في الشجاعة ومهري رهان في المسابقة إلى غاية الكرم
أشد تنازعا لكريم أصلٍ ... وأشبه منظراً بأبٍ هجانِ
يقول لم أر قبلهما ولدين أشد تجاذبا لأصل كريم يعني أن كل واحد منهما يجاذب صاحبه كرم الأصل فيريد أن يكون أكرم من صاحبه بأن يكون حظه أوفر من كرم أصله ولم أر ولدين أشبه منهما بأبٍ كريم خالص النسب
وأكثر في مجالسهِ استماعا ... فلانُ دق رمحا في فلانِ
الضمير في مجالسه يعود إلى أب أي لم أر ولدين اكثر استماعا في مجالس الأب دق فلان رمحا في فلان منهما يعني لا يجري في مجلس ابيهما غير ذكر المطاعنة فهما لا يسمعان غير ذلك
وأول رأيةٍ رأيا المعالي ... فقد علقا بها قبل الأوانِ
رأيةٌ فعلهُ من الرأي يقول أول شيء رأياه المعالي فقد عشقاها قبل أوان العشق وروى ابن جنى وأول داية وهي الظئر والمعنى أن المعالي تولت تربيتهما فهما يميلان إليها وحبانها حب الصبي لمن رباه
وأول لفظةٍ سمعا وقالا ... إغاثةُ صارخٍ أو فك عاني
وكنت الشمس تبهر كل عينٍ ... فكيف وقد بدت معها اثنتانِ
أي شمان يعني ولديه يقول كنت شمساً تغلب كل عين ببهائك وجمالك فكف الآن وقد ظهرت من ولديك شمسان أخريان
فعاشا عيشةَ القمرينِ يحيى ... بضوئهما ولا يتحاسدانِ
أي كانا كالشمٍ والقمر يحيا الناسُ بضوئهما ولا يكون بينهما تحاسد واختلاف
ولا ملكا سوى ملك الأعادي ... ولا ورثا سوى من يقتلانِ
هذا دعاء لأبيهما بالحياة يقول لا ملكا ملكك ولا ملكا إلا ملك الأعادي ولا ورثاك إما ورثا من يقتلانه من الأعداء
وكان ابنا عدوٍّ كاثراه ... له يا أي حروفِ أنيسيانِ
إنسان خمسة أحرف وهو مكبر فإذا صغرته قلت أنيسيان فزاد عدد حروفه وصغر معناه يقول عدوك الذي له ابنان فيكاثرك بهما كان زائدين في عدده ناقصين من حسبه وفخره بان يكونا ساقطين خسيسين كياأي أنيسيان يزيدان في عدد الحروف وينقصان من معناه
دعاء كالثناء بلا رياء ... يؤديه الجنان إلى الجنانِ
يقول هذا الذي ذكرته دعاء وهو ثناء من وجد ولا رياء في هذا الدعاء لأنه اخلاص من القلب إلى القلب يخرج من قلبي فتفهمه بقلبك وتعلم أنه اخلاص لا رياء فيه
فقد أصبحت منه في فرند ... وأصبح منك في عضبٍ يماني
شبه الممدوح بسيف يمانٍ وشبه شعره بفرند ذلك السيف وذلك يدل على جودته كذلك شعري يدل على كرمك وجودك
ولولا كونكم في الناس كانوا ... هراء كالكلامِ بلا معاني
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 384