اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 371
يقول لم يكفني تقصير قولي عن علاه وعجزي عن وصفه حتى صار انتقاده شعري ثانيا لتقصيري وهذا هو الموجب للحياء وهو التقصير والانتقاد
إنني أصيد البزاة ولك ... نَّ أجل النجومِ لا أصطادهْ
يقول أنا في الشعراء كالبازي الأصيد في البزاة ولكن النجم الأعلى من يقدر على بلوغه يريد زحل وهو أجل النجوم جعله مثلا للممدوح ولم يعرف ابن جنى هذا لأنه قال لو استوى له أن يقول ولكن أعلى النجوم لكان أليق والمعنى أني وإن كنت حاذقا في الشعر فإن كلامي لا يبلغ أن أصف ابن العميد وأمدحه
رب ما لا يعبر اللفظ عنه ... والذي يضمرُ الفؤادْ اعتقادهْ
أي ربَّ شيء من مدحك لا يبلغه لفظي بالعبارة عنه وما يضمره قلبي هو اعتقاده فيك وفي استحقاقك ذلك المدح وهذا اعتذارٌ عن قصوره في وصفه ومدحه
ما تعودت أن أرى كأبي الفض ... ل وهذا الذي أتاه اعتيادهْ
يقول لم أتعود أن أمدح مثله فإن قصرت عن كنهِ وصفه كنت معذورا لأن عادتي لم تجرِ بمدح مثله والذي أتاه من الشعراء اعتياده لأنه أبدا يمدح فهو أعلم الناس بالشعر وهذا يدل على تحرز أبي الطيب منه وتواضعه له ولم يتواضع لأحد في شعره ما تواضع له ويجوز أن يكون قوله وهذا الذي أتاه أي هذا الذي فعله من النقد عادته لعلمه بالشعر وقال ابن جنى وهذا الذي أتاه من الكرم عادة له لم يتخلق لي به وليس بشيء لأنه ليس في وصف كرمه إنما يعتذر من تقصيره
إن في الموجِ للغريقِ لعذرا ... واضحا أن يفوته تعدادهْ
يقول إن فاتني عد بعض أوصافك حتى لم آتِ على جميعها كان عذري واضحا فإني غرقت فيها لكثرة صفات مدحك فالغريق في البحر إن فاته عد الأمواج كان عذره واضحا والمعنى أن فكري غرق في فضائلك فلم أجد سبيلا إلى وصفها حق الوصف
للندى الغلب أنه فاض والش ... عر عمادي وابن العميد عمادهْ
يقول الغلبة لعطائه فإنه غلبني لأنه إلى ابن العميد يستند وأنا أستند إلى الشعر وليس يمكنني أن أكاثر عطاءه بشعري
نال ظني الأمور إلا كريماً ... ليس لي نطقهُ ولا في آدهْ
الظن ههنا معناه العلم ويروي طبي بالطاء وهو بمعنى العلم أيضا يقول أنا عالم بالأمور قد أحطت بها علما غير أني قاصر عن مدح كريم ليس لي فصاحته في الكلام ولا قوته في علم الشعر
ظالمُ الجودِ كلما حل ركبٌ ... سيم أن يحملَ البحار مزادهْ
الظلم من صفة الجود ولكنه أجراه على الممدوح وصفا كما يقال هو حسن الغلام يوصف بما هو وصفٌ لسببه ومعنى ظلم جوده ما ذكره في البيت فقال كلما قصده ركبٌ كلفهم من حمل نداه ما لا يطيقونه وهو أن يكلفهم حمل البحر في المزاد وهذا ظلم لأنه ليس مما يمكن وكني عن الركب كما يكنى عن لواحد لأنه على لفظ الواحد
غمرتني فوائدٌ شاء فيها ... أن يكون الكلام مما أفادهْ
يقول غلبتني من جهته فوائد كان من جملتها حسن القول أي تعلمت منه حسن القول وصحة الكلام في جملة ما استفدت منه يريد أنه نبهه بانتقاده شعره على ما كان غافلا عنه
ما سمعنا بمن أحب العطايا ... فاشتهى أن يكون فيها فؤادهْ
يقول لم نسمع قبله بجوادٍ يحب الإعطاء ويتمنى أن يكون قلبه من جملة ما يعطي يعني أن ما أفاده من العمل هو من نتيجة عقله وقلبه وبنات فكره وعبر عن العلم بالفؤاد لأن محله الفؤاد كما قال الله تعالى أن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أي عقل فسمي العقل قلبا ولم يعرف ابن جنى هذا فقال الكلام الحسن الذي عنده إذا افاده إنسانا فقد وهب له عقلا ولبا وفؤادا وهذا إنما يحسن لو قال فاشتهي أن يكون فيها فؤاد منكراً وإذ أضافه إلى الممدوح فليس يجوز ما قال
خلق الله أفصح الناس طرا ... في مكانٍ أعرابهُ أكرادهْ
يعني بافضل الناس وأفصحهم الممدوح والصحيح رواية من روى أفصح الناس والمعنى أن الفصاحة للعرب ولأهل البدو وافصح الناس في مكانٍ بدل الأعراب به أكرادٌ يعني أهل فارس ولم يعرف ابن جنى هذا وروى أفضل الناس
وأحق الغيوث نفسا بحمدٍ ... في زمانٍ كل النفوس جرادهْ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 371