اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 368
يقول هؤلاء القائمون عنده للخدمة تحسد ارؤسهم أقدامهم لأنهم وقفوا على أقدامهم ورؤوسهم تتمنى أنها القائمى في خدمته كما قال، خير أعضائنا الرؤوس البيت والضمير في إقدامها عائدة على الأرؤس كأنه قال لتحسد أرؤسهم أقدامها وقال يمدحه ويهنئه بالنيروز
جاء نوروزنا وأنت مرادهْ ... وورت بالذي أراد زنادهْ
يقال لهذا اليوم نوروز على العجمية ونيروز تقريب من التعريب ومثله من العربية تيقور وديجور وتيهور وهذا أولى بالأستعمال لأنه على أوزان كلامهم يقول جاء هذا اليوم وأنت مراده وقصده بالمجيء وقد حصل مراده إذ زارك ورآك الزناد كناية عن حصول المراد تقول العرب ورت بفلان زنادي أي أدركت به مرادي
هذه النظرة التي نالها من ... ك إلى مثلها من الحول زادهْ
ينثني عنك آخر اليوم منه ... ناظرٌ أنتَ طرفهُ ورقادهْ
قال ابن جنى أي إذا إنصرف عنك هذا اليوم خلف طرفه عندك ورقاده فبقي بلا لحظ ولا نوم إلى أن يعود إليك قال العروضي هذا هجاء قبيحٌ للممدوح أن أخذنا بقول ابي الفتح لأنه يراه وينصرف عنه أعمى عديم النوم ومعناه أنه يقول لما رآك استفاد منه النظر والرقاد وهما اللذان يستطيبهما العين والمعنى أفدته أطيب شيء والحق ما قاله ابن جنى لأنه يذهب عنه النوم حتى يرجع إليه
نحن في أرض فارسٍ في سرورٍ ... ذا الصباح الذي نرى ميلادهْ
روى ابن جنى الذي يرى بضم الياء وقال أي نحن كل يومٍ في سرورٍ لأن الصباح كل يومٍ يرى يريد إتصال سرورهم قال أبو الفضل العروضي ليس كما ذهب إليه وإما يريد أن يخص صباح نيروز بالفضل فقال ميلاد السرور إلى مثله من السنة هو هذا الصباح والرواية الصحيحة نرى بفتح النون وقال ابن فورجة يريد أبو الطيب أنا نحن في سرورٍ ميلاده في هذا الصباح يعني صباح نيروز لأن السرور يولد في صباحه لفرح الناس الشائع في النيروز
عظمته ممالك الفرس حتى ... كل أيام عامهِ حسادهْ
يجوز أن يريد بالممالك جمع ملك مثل المشايخ في جمع شيخ والمحاسن في جمع حسن كما قال في موضع آخر، أبهى الممالك البيت ويجوز أن يكون من باب حذف المضاف وهو قول أبي الفتح ويكون المعنى عظمه أهل ممالك الفرس حتى حسدته جميع الأيام لتعظيمهم إياه
ما لبسنا في الأكاليل حتى ... لبستها تلاعهُ ووهادهْ
قال أبو الفتح يريد أن الصحراء قد تكامل زهرها فجعله كالاكاليل عليه قال العروضي كيف يصح ما قال وأبو الطيب يقول ما لبسنا فيه الاكاليل ولم يقل ما لبست الصحراء أو ما يشبه هذا مما يكون دليلا على ما قاله أبو الفتح ولكن كان من عادى الفرس إذا جلسوا في مجلس اللهو والشرب يوم النيروز أني تخذوا أكاليل من النبات والأزهار فيضعوها على رؤوسهم وهذا ظاهر في قول الفارسي يصف مجلس لهو، بدل خود وترك بر كيريم، أز كلٌ ومشكُ وندُّ ولاله كلاه، فقال أبو الطيب ما لبسنا الأكاليل حتى لبستها التلاع وهي ها هنا ما ارتفع من الأرض ومنه قول الراعي، كدخان مرتحلٍ بأعلى تلعةٍ، ويريد بلبس التلاع ما ظهر عليها من النبات والوهاد ضد التلاع وهي جمع وهدة وهي المنخفض من الأرض وجعل ما على الوهاد أكاليل ولا يحسن ذلك والبيت مأخوذ من قول أبي تمام، حتى تعمم صلعُ هاماتِ الربا، من نبتهِ وتأزر الأهضامُ، وهذا البيت سليمٌ لنه جعل ما على الربا بمنزلة العمامة وما على الأهضام جمع هضم وهو المطمئن من الأرض بمنزلة الإزار ووجهُ قول المتنبي أنه أراد حتى لبستها تلاعه والتحفت بها وهاده فيكون من باب علفتها تبنا ومآءً باردا ومعنى البيت أن النبات قد عم الأرض مرتفعها ومنخفضها في هذا النيروز
عند من لا يقاس كسرى أبو سا ... سان ملكاً به ولا أولادهْ
أبو ساسان واحدٌ من الأكاسرة ولهذا يقال لملوك العجم بنو ساسان وذكرنا أن الإختيار في كسرى فتح الكاف وينشد قول الفرزدق، إذا ما رأوه طالعا سجدوا له، كما سجدت يوما لكسرى مرازبهْ، بفتح الكاف جعل الممدوح أعظم ملكا من ملوك العجم
عربيٌّ لسانهُ فلسفيٌّ ... رأيه فارسيةٌ أعيادهْ
البيت مركب من ثلث جمل كلها مبتدأ وخبر وقدمت فيها الأخبار على الابتداءات والمعنى أنه يتكلم بلسان العرب ورأيه رأي الفلاسفة لأنه حكيم وأعياده فارسية كالنيروز والمهرجان
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 368