اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 355
وتصاحت ثمر السياط وخيله ... وأوت إليها سوقها والأذرع
يعني بثمر السياط العقد التي تكون في عذباتها يقول رقع بموته الصلح بين الخيل والسياط لأنه أبدا كان يضربها بسياطه لركض في قصد عدو أو طرد وهي في شدة عدوها كأن سوقها وهي جمع ساق وأذرعها ليست منها لأنها كانت ترميها عن أنفسها والآن لما ترك ركضها صارت أيديها وأرجلها كأنها عادت إليها
وعفا الطراد فلا سنان راعف ... فوق القناة ولا حسام يلمع
يريد بالطراد مطاردة الفرسان في الحرب يقول ذهب ذلك واندرس بموته والراعف الذي يسيل منه دم كالرعاف من الأنف
ولى وكل مخالم ومنادم ... بعد اللزوم مشيع ومودع
من كان فيه لكل قوم ملجأ ... ولسيفه في كل قوم مرتع
من فاعل ولى يقول ولى وذهب من كان ملجأ أوليائه وكان لسيفه مرتع في كل قوم من أعدائه
إن حل في فرس ففيها ربها ... كسرى تذل له الرقاب وتخضع
أو حل في روم ففيها قيصر ... أو حل في عرب ففيها تبع
يعني أنه كان عظيما أينما كان حتى لو كان في العجم لكان ملكهم وكذلك في كل قوم
لا قلبت أيدي الفوارس بعده ... رمحا ولا حملت جوادا أربع
أي أنهم لا يحسنون الركض ولا الطعان إحسانه فلا حملوا رمحا يقوله على طريق الدعاء ولا حملت الخيل قوائمها وقال وقد دخل عليه بالكوفة صديق له وبيده تفاحة من ند عليها اسم فاتك فناوله إياها فقرأه فقال
يذكرني فاتكا حمله ... وشيء من الند فيه اسمه
ولست بناس ولكنني ... يجدد لي ريحه شمه
وأي فتى سلبتني المنو ... ن لم تدر ما حملت أمه
ولا ما تضم إلى صدرها ... ولو علمت هالها ضمه
أي لو علمت والدته التي كانت تضمه إلى صدرها في صغره إنه شجاع قتال فاتك لفزعت منه ولهالها ضم ذلك الولد إلى نفسها
بمصر ملوك لهم ما له ... ولكنهم ما لهم همه
هذا من قول أشجع السلمي، وليس بأوسعهم في الغنى، ولكن معروفة أوسع، وأصله من قول الآخر، ولم يك أكثر الفتيان مالا، ولكن كان أرحبهم ذراعا،
فأجود من جودهم بخله ... وأحمد من حمدهم ذمه
أي إذا بخل كان أجود منهم وإذا ذم كان أحمد منهم
وأشرف من عيشهم موته ... وأنفع من وجدهم عدمه
أي إنه ميت أشرف منهم وهم أحياء وهو عادم أنفع منهم وهم واجدون لأنه كان يجود بما يجد وهو يبخلون مع الوجد وهو الغني
وإن منيته عنده ... لكالخمر سقيه كرمه
يعني منه كانت تنبت المنية في الناس ثم عادت عليه فاهلكته فكانت كالخمر التي أصلها الكرم ومنه خرجت ثم عادت فسقيها الكرم وردت إليه
فذاك الذي عبه ماؤه ... وذاك الذي ذاقه طعمه
قال أبن جنى يعنيأن الزمان أتى من موته بما فيه نقص العادة وذلك أن الماء مشروب لا شارب والطعم مذوق مع كونه مذوقا وقال أبن فورجة عند أبي الفتح أن الضمير في عبه ضمير فاتك وكذلك الهاء في ذاقه على ما ذكر في تفسيره وليس كذلك فإنه قد قال في البيت الذي قبله أن الموت الذي أصابه هو بمنزلة الخمر سقيها الكرم أي كانت المنية مما يسقيه الناس فصار بسقيه شاربا له ثم قال فذلك الذي عبه يعني الخمر هو ماء الكرم فعبه وذاك الذي ذاقه هو الموت وهو طعم نفسه الذي كان يموت به الخلق انتهى كلامه وهو على ما قاله لكنه لم يبينه بيانا شافيا والمعنى أن هذا مثل وهو أن الكرم إذا سقى الخمر فشربه فقد شرب ماء نفسه والذي ذاقه من طعم الخمر هو طعم الكرم كذلك موت فاتك لما أهلكه فشرب شراب الموت وذاق طعمه فكأنه شرب شراب نفسه وذاق طعم نفسه
ومن ضاقت الأرض عن نفسه ... حري أن يضيق بها جسمه
يقول من ضاقت الأرض عن همته لخليق أن يضيق جسمه بهمته فلا يسعها وإذا لم يسعها ولم يطق احتمالها هلك فيها لعظم ما يطلبه كما قال الآخر، على النفوس جنايات من الهمم وقال أبو الطيب بعد خروجه من مدينة السلام يذكر مسيره من مصر ويرثي فاتكا وانشأها يوم الثلثاء لتسع خلون من شعبان سنة 352
حتام نحن نساري النجم في الظلم ... وما سراه على خف ولا قدم
يقول حتى متى نسرى مع النجوم في ظلم الليل وليست تسري هي على خف ولا قدم يعني أن النجوم لا يصيبها الكلال من السري كما يصيب الإبل والإنسان
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 355