اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 350
ضرب لنفسه المثل في عجزه عن المكافاة بالفعل بفرسٍ أحكم شكاله فعجز عن الجري لكنه يصهل يقول إن لم يكن عندي الفعل فعندي مكافاةٌ بالقول والمعنى أن لم أقدر على المكاشفة بنصرتك على كافور فإن أمدحك إلى أوانٍ ذلك كما أن الجواد إذا شكل عن الحركة صهل شوقا إليها وكان فاتك هذا يسر خلافا للأسود وينطوي على بغضه ومعاداته وكان أبو الطيب يحبه ويميل إليه ولكن ليس يمكنه إظهار ذلك خوفا من الأسود
وما شكرت لأن المال فرحني ... سيان عندي إكثارٌ وإقلال
يقول ليس شكريك عن فرح بما أهديته إليّ لأن القل والكثر عندي سواء لقلة مبالاتي بالدنيا قال ابن جنى وما رأيته أشكر لأحد منه لفاتك وكان يقول حمل إليّ ما قيمته الف دينار في وقت واحد
لكن رأيت قبيحاً أني جاد لنا ... وأننا بقضاء الحق بخالُ
بخال جمع باخل يقول إنما أشكر لأني استقبح البخل بقضاء الحق والسكوت عن شكر من يجود لي بالبر والنعمة
فكنت منبتَ روضِ الحزن باكرهُ ... غيث بغير سباخ الأرضِ هطالُ
يقول لما وصل إليّ بره كنت كمنبتِ روض الحزن جاد عليها بالبكرة غيث هطال بارضٍ منبتة طيبة يعني أن مطر بره لم يصادف مني سبخةً وخص روض الحزن لنها أنضر لبعدها عن الغبار
غيث يبين للنظار موقعه ... أن الغيوث بما تأتيه جهالُ
يقول موقع إحسانه مني يبين للمحسنين أنهم يخطئون مواقع الصنائع ومن نصب موقعه فمعناه أنه غيث يبين موقعه للناظرين لأنه أتى على مكان أثر فيه أحسن تأثير ثم قال مبتديا إن الغيوث بما تأتيه جهال لنها تأتي على الأرض العراة والسبخة
لا يدرك المجد إلا سيدٌ فطنٌ ... لما يشق على الساداتِ فعالُ
لا وارث جهلت يمناه ما وهبت ... ولا كسوبٌ بغير السيف سأالُ
يقول لا يدرك المجد إلا سيد لا وارثٌ أي لم يرث أباه شيئا لأنه كان جوادا فلم يخلف مالا ويمناه جهلت ما وهبت لكثرته وليس هو سأالا كسوبا بغير السيف يعني لا يطلب حاجته إلا بالسيف
قال الزمان له قولا فأفهمهُ ... إن الزمان على الإمساك عذالُ
يقول عرفه الزمان أن المال لا يبقى ففهم ذلك عن الزمان ففرق ماله فيما يورث المجد ولم يكن هناك قول ولكنه بتصاريف الزمان
تدري القناة إذا اهتزت براحتهِ ... أن الشقيَّ بها خيل وأبطالُ
كفاتكٍ ودخول الكاف منقصةٌ ... كالشمس قلت وما للشمس أمثالُ
يقول لا يدرك المجد إلا سيدٌ كفاتك ولم يعرف ابن جنى وجه دخول الكاف في كفاتك فقال الكاف هاهنا زائدة وإنما معناه وتقديره فاتك أي هذا الممدوح فاتك هذا كلامه وجمعي البيت مبني على هذه الكاف فكيف يمكن أن يقال أنها زائدة ألا ترى أنه قال ودخول الكاف منقصة أي أنها توهم أن له شبيها وليس كذلك لأنه يقول كالشمس ولا مثل للشمس
القائد الأسد غذتها براثنهُ ... بمثلها من عداه وهي أشبالُ
أي الذي يقود إلى الحرب رجالا هم أسود تغذوها براثن فاتك بأمثالهم من الأعداء يعني أنه يغنمهم الأبطال وجعلهم كالأشبال له حيث قام بتغذيتهم
القاتل السيف في جسم القتيل به ... وللسيوف كما للناس آجالُ
أي لجودة ضربته يقتل المقتول وما يقتله به وهو السيف أي يكسره فجعل ذلك قتلا للسيف
تغير عنه على الغارات هيبتهُ ... ومالهُ بأقاصي الأرض أهمالُ
يقول هيبته تمنع الإغارة على ماله وكأنها تغير على الغارة وماله مهمل لا راعي له باقاصي البر لا يغار عليه هيبةً منه والأهمال جمع همل والهمل جمع هامل وهو البعير الذي لا راعي له ويجوز أن يكون المعنى أن القوم يغيرون على الأموال فيحملونها إليه هيبةً لهم فكان هيبته تغير على غارة غيره ثم قال وماله أهمال لا يغار عليه والأول قول ابن جنى لأنه قال يهابه أهل الغارات أن يتعرضوا له فكان هيبته تغير على غاراتهم
له من الوحش ما اختارت أسنتهُ ... عير وهيق وخنساءٌ وذيالُ
يقول ما اخترا من الوحش قدر على صيده والهيق الظليم والخنساء البقرة الوحشية سميت بذلك لخنس أنفها أي تأخره والذيال الثور الوحشي لأنه يجر ذنبه كالذيل
تمسى الضيوفُ مشهاةً بعقوتهِ ... كأن أوقاتها في الطيب آصالُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 350