اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 35
عزيز أسى من داؤه الحدق النجلُ ... عياء به مات المحبون من قبل
العزيز الشيء الذي يقل وجوده والأسى بضم الألف الصبر والأسى بفتح الألف العلاج يقال أسوت الجرح آسوه أسواً وأسًى ومنه قول الأعشى، عنده البر والتقى وأسى الشق وحملٌ ممضلع الأثقال، والنجل جمع الأنجل وهو الواسع العين والعياء الداء الذي لا علاج له وقد أعيا الأطباء يقول يعز علاج من داؤه هوى الحدق النجل وهو عياء به مات العشاق من قبلنا فلما حذف المضاف إليه بنى قبل رفعا على الغاية
فمن شاء فلينظر إلى فمنظري ... نذيرٌ إلى من ظن أن الهوى سهل
يقول من اراد أن يعرف حال الهوى فلينظر إليّ فمنظري أي موضع النظر مني ويجوز أن يكون مصدرا مضافا إلى المفعول يقول منظري منذر من ظن أن أمر الهوى سهلٌ
وما هي إلا لحظة بعد لحظة ... إذا نزلت في قلبه رحل العقل
هي كناية عن لحظات العاشق يقول ما هي إلا أن يلحظ مرة بعد أخرى فاذا تمكنت النظرة من قلبه زال عقله لأن الهوى والعقل لا يجتمعان
جرى حبها مجرى دمي في مفاصلي ... فأصبح لي عن كل شغل بها شغل
يقول جرى الدم في عروقي مجرى الدم لشدة امتزاجه بي فشغلني عن كل ما سواها ويروي به أي بالحب ويروى ههنا بيتان منحولان وهما
سبتني بدلٍّ ذات حسن يزينها ... تكحل عينيها وليس لها كحل
كأن لحاظ العين في فتكه بنا ... رقيب تعدى أو عدو له دخل
ومن جسدي لم يترك السقم شعرةً ... فما فوقها إلا وفيها له فعل
فما فوقها أي فما هو أعظم منها ويجوز أن يريد فما دونها في الصغر وقد ذكر في قوله تعالى ما بعوضةً فما فوقها الوجهان يقول سقم الهوى قد أثر في كل شيء من بدني فظهر فيه فعله ويروى إلا وفيه على عود الكناية إلى ما
إذا عذلوا فيها أجبت بأنةٍ ... حبيبتا قلبا فؤادا هيا جمل
إذا لاموني فيها وفي حبها أجبتهم بانة وهي فعلةٌ من الأنين والحبيبة تصغير الحبيبة والألف فيها وفي قلبا وفؤادا بدل عن ياء الاضافة وكلها في موضع نصب لأنه نداء مصاف اراد يا حبيبتي يا قلبي يا فؤادي يا جمل والقلب والفؤاد هما الحبيبة جعلها قلبه والمراد بالتصغير التقريب من قلبه وهذا كما يقال أخى سيدي مولاي يا فلان تجعل كلامك كله نداء بعد نداء وحذفت حرف النداء وتقول في النداء يا زيد وأيا زيد وهيا زيد وأي زيد وأزيد وزيد هذا الذي ذكرناه كله معنى قول أبي الفتح ويجوز أن تكون الألف فيها للندبة اراد يا حبيبتاه يا قلباه يا فواداه فحذف الهاء للدرج وقال ابن فورجة اراد حبيبتاه فاسقط الهاء لدرج الكلام وقوله قلبا فؤادا يدعوهما لأنه يتشكاهما شكوى العليل كما قال ديسم بن شاذلويه الكردي، أنيني أنيسي وشجوي وسادي، وعيني كحيل بشوك القتاد، إذ قيل ديسم ما تشتكي، أقول بشجوٍ فؤادي فؤادي، فهذا أيضا يقول قلبي فؤادي أي هو الذي اتشكاه ومعنى البيت أني إذا عذلت في حبها اجبتهم بأنة ثم قلت قلبي فؤادي يا جمل يريد أني لا ألتفت إلى العذل ولا أزيد على الانين ودعاء المحبوب ليغيثني ما أنا فيه وقال غيرهما قلبا فوادا في محل الرفع على تقدير حبيبتي قلبي فؤادي أي هي لي بمنزلة القلب وعلى هذا جمل اسم واحدة من العواذل أي أقول لها هي قلبي فلا افارقها ولا اسمع عذلك فيها
كأن رقيباً منك سد مسامعي ... عن العذل حتى ليس يدخلها العذل
أول هذا البيت للعباس بن الاحنف في قوله، أقامت على قلبي رقيباً وناظري، فليس يؤدي عن سواها إلى قلبي، ثم محمد بن داود قال، كأن رقيباً منك يرعى خواطري، وآخر يرعى ناظري ولساني،
كأن سهاد العين يعشق مقلتي ... فبينهما في كل هجرٍ لنا وصلُ
يقول إذا تهاجرنا واصل السهاد عيني يعني لم أنم وجدا لفقدها وهذا كقوله، إني لأبغض طيف من أحببته، إذ كان يهجرنا زمان وصاله، فجعل الطيف يهجر عند الوصال كما أن السهاد يصل عند الهجران
أحب التي في البدر منها مشابهٌ ... وأشكو إلى من لا يصاب له شكل
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 35