اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 332
فما يدوم سرور ما سررت به ... ولا يريد عليك الفائت الحزنُ
هذا تأكيد للذي قبله يقول لا تبال بما يحدثه لك الدهر فإن المفروح به لا يدوم فرح لأنه لا يجوم والحزن على الغائب لا يرده عليك
مما أضر بأهل العشق أنهمُ ... هووا وما عرفوا الدنيا وما فطنوا
يعني بأهل العشق الذين يعشقون الدنيا يقول أنهم لم يعرفوا أن الدنيا لا توافقهم ولا تساعدهم ولا تبقى عليهم فجهلهم بها أضر بهم حتى تعبوا في جمع ما لا يبقى
تفنى عيونهم دمعا وأنفسهم ... في إثر كل قبيحٍ وجههُ حسنُ
يعني يبكون حتى تفنى عيونهم بالبكاء وأنفسهم بالحزن على كل مستحسنٍ في الظاهر قبيحٍ عند التفحص وهو الدنيا ومتاعها
تحملوا حملتكم كل ناجيةٍ ... فكل بين عليَّ اليومَ مؤتمنٌ
الناجية الناقة المسرعة قال ابن جنى هذا تشبيب من يضمر في نفسه عتبا وموجدةً يريد أنه قد أظهر على قوله ما أضمره في نفسه يقول ارتحلوا عني حملتكم كل مسرعة على طريق الدعاء فالفراق مؤتمن عليّ أي أرضى بحكمه ولا تضرني غائلته والمعنى لا أحزن لفراقكم
ما في هوادجكم من مهجتي عوضٌ ... ن مت شوقا ولا فيها لها ثمنُ
يقول لستم أهلا لأن تبذل فيكم الأرواح شوقا إليكم ومحبةً لكم فلست بدلا لي عن الروح إن فاتتني
يا من نعيت على بعد بمجلسه ... كل بما زعم الناعون مرتهنُ
أي كل أحد مرتهن بالموت لا بد منه
كم قد قتلت وكم قد متُّ عندكمُ ... ثم انتفضت فزال القبرُ والكفنُ
أي قد أخبرتم بموتي وتحقق ذلك عندكم ثم بان الأمر بخلاف ذلك فكأني كنت ميتا ثم خرجت من القبر
قد كان شاهد دفني قولهم ... جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا
قبل قولهم يريد قول الناعين يعني قوما نعوه قبل هؤلاء واخبروا أنهم شاهدوا دفنه ثم ماتوا قبل المتنبي
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ
يجوز نصب كل على لغة تميم لأن ما عندهم غير عاملة فتنصب كل بفعل مضمر يفسره قوله يدركه كأنه قال ما يدركه كلَّ ما يتمنى المرء وعلى لغة الحجاز ترفع كل بما لأنها عاملةٌ عندهم والمعنى أن أعدائي لا يدركون ما يتمنون فإن الرياح لا تجري كلها على ما تريده السفن يعني أهلها
رأيتكم لا يصون العرض جاركمُ ... ولا يدر على مرعاكم اللبنُ
يقول أنتم تذلون الجار وتشتمون عرضه فمن جاوركم لم يقدر على صون عرضه منكم والنعم إذا رعى أرضكم لم يدر اللبن على ذلك المرعي لوخامته وهذا من أوجع الهجاء
وتغضبون على من نال رفدكم ... حتى يعاقبه التنغيص والمننُ
أي لا يخلوا عطاؤكم من المنن والأذى حتى يصير آخذه معاقبا بتنغيص ما أخذه بالمنة وهذا كله تعريض لسيف الدولة
فغادر الهجر ما بيني وبينكم ... يهماء تكذب فيها العينُ والأذنُ
اليهماء الأرض التي لا يهتدي فيها يقال بر أيهم وفلاةٌ يهماء يدعو بالبعد بينهم وبينه بأرضٍ ترى فيها العين ما لا حقيقة له وتسمع فيها الأذن ما لا حقيقة له وسالك المفاوز والقفار يتخايل لعينه الأشياء ولسمعه الأصوات ومن هذا قول ذي الرمة، إذا قال حادينا ليسمع نبأةً، صهٍ لم يكن إلا دويَّ المسامعِ،
تحبو الرواسم من بعدِ الرسيم بها ... وتسأل الأرض عن أخفافها الثفنُ
الرواسم الإبل التي سيرها الرسيم وهو ضرب من السير يقول تسقط أخفاف الإبل بها لطول سيرها فيها فتحبو بعد أن كانت تسير الرسيم على ثفناتها وهي الواضع التي تبرك عليها وتقول الثفنات للأرض أين ذهبت الخفاف وكيف سقطت حتى انتقل السير إلى الحبو عليها وهذا مثلٌ لطول السير أي لو قدرت على السؤال لسألت
أني أصاحبُ حلمي وهو بي كرمٌ ... ولا أصاحبُ حلمي وهو بي جبنُ
يقول أحلم عمن يؤذيني ما دام حلمي كرما فإذا كان حلمي جبنا لم أحلم كما قال الفند، وبعض الحلم عند الجهل للذلةٍ إذعانُ،
ولا أقيم على مالٍ أذل به ... ولا ألذ بما عرضي به درنُ
أي لا آخذ المال بالذل وكل مال يحصل لي بذل تركته ولا استطيب شيئا يلطخ عرضي بأخذه والدرن الوسخ
سهرت بعد رحيلي وحشةً لكم ... ثم استمر مريري وارعوي الوسنُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 332