اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 326
العبد لا تفضل أخلاقهُ ... عن فرجه المنتن أو ضرسهِ
يريد أن همة العبد مقصورة على فرجه وبطنه فلا فضل فيها من هذين لمكرمةٍ وبر وإحسان
لا ينجز الميعاد في يومهِ ... ولا يعي ما قال في أمسهِ
لا ينجز ما وعده في يوم انقضاء الوعد كما تقول وعدتك كذا في يوم كذا فإذا جاء ذلك اليوم فهو يوم الميعاد ولا يعي أي لا يحفظ ما قاله بالأمس يعني أنه لغفلته وسوس فطنته ينسى ما يقوله
وإنما تحتال في جذبه ... كأنك الملاحُ في قلسهِ
القلس حبل السفينة يقول لا يأتي مكرمةٌ بطبعه بل تحتال فتجذبه كما يجذب الملاح السفينة لتجري
فلا ترج الخير عند امرىءٍ ... مرت يد النخاس في رأسهِ
وإن عراك الشك في نفسهِ ... بحالهِ فانظر إلى جنسهِ
يقول إن شككت في حاله ولم تعرفه فقسه بغيره من العبيد فأنك لا ترى أحدا منهم له مروةٌ وكرم
فقلما يلؤم في ثوبهِ ... إلا الذي يلؤم في غرسهِ
يريد أن اللؤم طبيعةٌ طبع عليها اللئيم في غرسه ومن كان لئيما كان مولودا على اللؤم
من وجد المذهب عن قدره ... ولم يجد المذهب عن قنسهِ
القنس الأصل يقول من ذهب عن قدر استحقاقه في الدنيا فنال وولاية أو غنى وهو لا يستحق ذلك لم يذهب عن أصله في اللؤم لأن الأشياء تعود إلى أصولها ومن كان لئيم الأصلِ فهو ينزع إلى ذلك اللؤم وأتصل قوم من الغلمان بأبن الأخشيدي مولى كافور طلبا للفساد بينهما وجرت وحشة أياما ثم ردهم إليه واصطلحا فقال أبو الطيب
حسم الصلح ما اشتهته الأعادي ... وأذاعته ألسن الحسادِ
يقول أشتهت الأعداء أن يهيج بينكما شر والحساد أذاعوا ذلك ثم أنحسم بالصلح ما اشتهوه وأذاعوه
وأرادته أنفس حال تدبي ... رك ما بينها وبين المرادِ
أي وحسم ما أرادته أنفس منع تدبيرك بينهم وبين ما أراده من أثاره الشر
صار ما أوضع المخبون فيه ... من عتابٍ زيادةً في الودادِ
يقال أوضع الراكب بعيره إذا حمله على السير السريع والمخبون الذين خيلهم على الخبب يقول صار سعي من سعى بينكم في الفساد زيادةً في الوداد لأن الود بعد العتاب اصفى
وكلام الوشاة ليس على الأح ... بابِ سلطانهُ على الأضدادِ
يقول كلام الوشاة إنما يؤثر إذا كان بين الأضداد فإذا كان بين الأحباب سقط ولم يؤثر لأنه إنما يتسلط على الأضداد
إنما تنجح المقالة في المر ... ء إذا وافقت هوى في الفؤادِ
إي إنما يبلغ القول النجاح إذا سمعه من يوافق هواه ذلك القول وهذا تبرئة لابن مولاه من موافقة قلبه كلام الوشاة
ولعمري لقد هززت بما قي ... ل فألفيت أوثق الأطوادِ
يقول حركت بما قيل لك ونقل إليك فكنت كالجبل الذي لا يتحرك أي لم يؤثر فيك قول الواشين والساعين بالنميمة
وأشارت بما أبيت رجالٌ ... كنت أهدي منها إلى الإرشادِ
أي أشار عليك قوم بالشقاق والخلاف فأبيت ذلك وكنت أرشد منهم في ذلك ومعنى الإرشاد أي إلى إرشاد الناس فيه حين أرشدتهم إلى الصلاح لا إلى الخلاف
قد يصيب الفتى المشير ولم يج ... هد ويشوى الصواب بعد اجتهادِ
يقول المشير الذي لم يجتهد قد يصيب بإشارته والمجتهد قد يخطىء بعد الاجتهاد يعني أن الذين اعلموا الراي اخطؤوا حين أمروك بإظهار الخلاف وأنت أصبت الراي عفواً حين ملت إلى الصلح
نلت ما لا ينال بالبيض والسم ... رِ وصنت الأرواح في الأجسادِ
يقول أدركت بالصلح ما لا يدرك بالسيوف والرماح من غير أراقة دمٍ ولا قتل نفسٍ وذلك أنه صالحه على أن يدفع إليه المضرين والساعين ففعل ذلك وقتلهم الأسود
ما دروا إذ رأوا فؤادك فيهم ... ساكنا أن رأيه في الطرادِ
يقول لم يعلم الناس حين رأوك ساكن القلب إنك تطارد رأيك وتجتهد في طلب الصواب
ففدى رأيك الذي لم تفده ... كل رأيٍ معلمٍ مستفادِ
يقول يفدي رأيك الذي هو تلاد غير مستفاد بتجربة وتعليم كل رأيٍ معلمٍ مستفاد
وإذا الحلم لم يكن في طباعٍ ... لم يحلم تقدمُ الميلادِ
يقول إذا لم يطبع المرء على الحلم الغريزي لم يفده علو سنه وتقدم ولادته حلما وليس الشيخ أولى بصحة الرأي من الشاب
فبهذا ومثله سدت يا كا ... فور واقتدت كل صعبِ القيادِ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 326