اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 325
الأبلخ العظيم في نفسه وهو من صفات الملوك وبالجيم الجميل الوجه وهو عطف على المقطم أي وبظل أبلخ يعصي من يشير عليه بتركي بأن يختصني دون غيري كما أني عصيت من أشار عليّ بترك المسير إليه ولا معنى في ذلك لبعد الطريق يقال أنه أراد بهذا ابن حنزابة وزير الأسود ولم يكن المتنبي مدحه
فساق إلي العرف غير مكدرٍ ... وسقت إليه الشكر غير مجمجمِ
أي لم يكدر إحسانه إليّ بالمنذ ولم ينغصه بالأذى والمجمجم من قولهم جمجم كلامه إذا عماه وستره ولم يأت به على الوجه الذي يهتدي إليه فقال ابن جنى أي ليس فيه عيب ولا إشارة إلى ذم
قد اخترتك الأملاك فاختر لهم بنا ... حديث وقد حكمت رأيك فأحكمِ
أراد من الأملاك فحذف من واوصل الفعل كقوله تعالى واختار موسى قومه سبعين رجلا يقول اخترتك من جملة ملوك الدنيا بالقصد إليك فاختر لهم بنا حديثا من مدحٍ أو هجاء بمنعٍ أو عطاء أي أنهم يتحدثون بنا وبما كان منا فاختر ما تريد من ثناء وإطراء بالبر والإحسان أو ذم أو هجاء بالبخل والحرمان ولم يعرف ابن جنى هذا فقال أي افعل بي فعلا إذا سمعوه كان مختارا مستحسنا عندهم وليس هذا الذي يقوله بالبيت ألا ترى أنه قال وقد حكمت رأيك فأحكم أي أنت المحكم فيما تختار ولو أراد ما قاله لم يكن محكما
فأحسن وجهٍ في الورى وجه محسنِ ... وأيمن كف فيهم كف منعمِ
هذا البيت يروى عن هطاء له بقبح الصورة وأنه لا منقبة له يمدح بها غير أنه أحسن بالأعطاء فوجهه أحسن الوجوه بالإحسان ويده أيمن الأيدي بالإنعام وكذلك البيت الذي بعده
وأشرفهم من كان أشرف همةً ... وأكثر إقداما على كل معظمِ
يريد أنه خالٍ مما يمدح به الملوك من حسب أو نسبٍ أو شرف تليد فإن لم يستحدث لنفسه شرفا مطرفا بعلو همة أو إقدام لم يكن له خصلة يمدح بها
لمن تطلبُ الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور محب أو مسآءة مجرمِ
أي إنما تراد الدنيا لنفع الأولياء وضر الأعداء وليست تصلح لغير هذين
وقد وصل المهر الذي فوق فخذهِ ... من اسمك ما في كل عنقٍ ومعصمِ
يريد أن المهر كان موسوما بأسمه الذي هو سمةٌ لكل حيوان يعني أنه ملكٌ مالكٌ كل حيّ ألا ترى إلى قوله
لك الحيوان الراكب الخيل كله ... وإن كان بالنيران غير موسم
ولو كنت أدرى كم حياتي قسمتها ... وصيت ثلثيها انتظارك فاعلمِ
هذا استبطاء لما يرجو منه يقول لو كنت أعرف كم قدر في الدنيا لجعلت ثلث ذلك القدر مدة انتظار عطائك وهذا من قول مسلم بن الوليد، لو كان عندك ميثاق يخلدنا، إلى المشيب انتظرنا سلوة الكبر،
ولكن ما يمضي من الدهر فائتٌ ... فجد لي بحظ الباردِ المتغنمِ
يقول ما فات من العمر لا يعود يعني لا يطول مدة البقاء فإن الماضي غير مسترك فجد لي بحظ من يستعجل ويغتنم وقت القدرة والإمكان
رضيت بما ترضى به لي محبةً ... وقدت إليك النفس قود المسلمِ
هذا كالعود من عتاب الإستبطاء يقول إن كنت ترضى بتأخير ما أرجوه فأنا أرضى به أيضا محبة لك وانجذابا إلى هواك لأني قدت نفسي إليك قود من يسلم لك ما تفعله والمسلم لا يعارض بشيء
ومثلك من كان الوسيط فؤاده ... فكلمهُ عني ولم أتكلمِ
يقول مثلك في كرمك وسماحتك يكون فؤاده وسيطا بينه وبيني فيكلمه عني ولا يحوجني إلى الكلام وخرج من عنده فقال يهجوه
أنوك من عبدٍ ومن عرسه ... من حكم العبد على نفسهِ
النوك الحمق والأنوك الأحمق يقول الذي يجعل العبد حاكما على نفسه فهو أنوك من عبد ومن عرس نفسه يعني المرأة أي أحمق من المرأة ومن العبد من يكون في طاعة العبد ومن ابتداء وخبره ما قبله كما تقول أحسن من عمرو ومن أخيه زيدٌ ويجوز أن يعود الضمير في عرسه على العبد ويريد به الأمة لأن العبد يتزوج بالأمة في غالب الأحوال وهذا عتاب يعاتب به نفسه حين أتى الأسود فأحتاج إلى أن يطيعه
ما من يرى أنك في وعدهِ ... كمن يرى أنك ي حبسهِ
يقول الذي يرى أنك في وعده يحسن إليك ويبرك والذي يرى أنك في حبسه يذلك ويسيء إليك يعني أنه في حبس كافور ليس في وعده
وإنما يظهرُ تحكيمهُ ... ليحكم الإفسادَ في حسهِ
يريد من أظهر تحكيم العبد على نفسه دل ذلك على سوء اختياره وسوء الأختيار يدل على فساد الحس
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 325