اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 323
يقول عند ارتحاله فراق أي هذه الحال التي أنا فيها فراق والذي أفارقه غير مذموم يعني سيف الدولة وهذا الفراق قصد لإنسان آخر وهو خير مقصود يعني الأسود
وما منزل اللذات عندي بمنزلٍ ... إذا لم أبجل عنده وأكرمِ
يقول لا أقيم بمكان للذة العيش وطيب الحيوة إذا لم أكن مكرما معظما
سجيةُ نفسٍ لا تزالُ مليحةً ... من الضيمِ مرميا بها كل مخرمِ
المليحة المشفقة الخائفة يقال ألاح من الأمر إذا اشفق منه والمخرم الطريق في الجبل يقول هذا الفراق سجيةٌ نفسي التي هي أبدا خائفة من أن تظلم ويبخس حقها من الأكرام وأنا أرمي بها كل طريق هاربا بها من الضيم والذل
رحلت فكم باكٍ بأجفانِ شادنٍ ... عليَّ وكم باكٍ بأجفانِ ضيغم
أي فكم من رجال ونساء بكوا على فراقي وجزعوا لارتحالي عنهم فالباكي بجفن الشادن المرأة المليحة الحسناء والباكي بأجفان الأسد الرجل الشجاع الكريم
وما رب القرطِ المليحِ مكانهُ ... عذرت ولكن من حبيبٍ معممِ
أي لو كان الذي أشكوه من الغدر بي كان من امرأة عذرتها لأن شيمة النساء الغدر ولكنه من رجلٍ والمعمم كناية عن الرجل لأن المرأة لا تتعمم
رمى واتقى رميي ومن دونِ ما اتقى ... هوى كاسرٌ كفى وقوسي وأسمهي
هذا مثل يقول لم يحسن إليّ ولم أهجه لحبي إياه فضرب المثل لاساءته إليه بالمر ولأمنه عن المكافاة بالهجاء بالاتقاء بحب يكسر كفه وقوسه وسهامه إن أراد أن يرميه والمعنى أن حبي إياه منعني عن مكافاته بالإساءة فكان كرامٍ يرميني وهو وراء جنةٍ من حبي تمنعي عن أن أرميه
إذا ساء فعلٌ المرء ساءت ظنونه ... وصدق ما يعتاده من توهمِ
يقول المسيء الظن لا يأمن من اساء إليه وما يخطر بقلبه من التوهم على اصاغره يصدق ذلك وهذا كما قال بعضهم، وما فسدت لي يشهد الله نيةٌ، عليك بل استفسدتني فاتهمتني،
وعادى محبيه بقولِ عداتهِ ... وأصبح في ليلٍ من الشك مظلمِ
أصادق نفس المرء من قبل جسمهِ ... وأعرفها في فعلهِ والتكلمِ
يريد بالنفس الهمة والمعاني التي في نفس الإنسان من أخلاقه يذكر لطف حسه ودقة علمه وأنه قبل أن تقع بينه وبين من يحبه المعرفة يصادق نفسه أولا ويستدل عليها فعله وكلامه
وأحلمُ عن حلي وأعلم أنه ... متى أجزهِ حلما على الجهلِ يندمِ
يقول أصفح عن خليلي علما بأني متى جازيته على سفهه وجهله بالحلم ندم على قبيح فعله فاعتذر إليّ وأعتب إلى مرادي وهذا المعنى من قول سالم بن وابصه، ونيربٍ من موالي السوء ذي حسدٍ، يقتات لحمي وما يشفيه من قرمٍ، داويتُ صدرا طويلا غمرهُ حقداً، منه وقلمت أظفاراً بلا جلم، بالحزم والخير أسديه وألحمه، تقوى الإله وما لم يرع من رحمي، فأصبحت قوسه دوني موترةً، يرمي عدوي جهارا غير مكتتمِ، إن من الحلم ذلا أنت عارفهُ، والحلمُ عن قدرةٍ فضل من الكرم، ومن روى أنني متى أجزه يوما على الجهل أندم أي متى جهلت عليه كما جهل عليّ ندمت على ذلك لأن السفه والجهل ليس من أخلاقي
وإن بذل الإنسان لي جود عابسٍ ... جزيت بجود التاركِ المتبسمِ
يقول أن جاد عليّ إنسان في كراهةٍ وعبوس جزيت جوده بترك عطائه في تبسم ورضاً بتركه
وأهوى من الفتيان كل سميدعٍ ... نجيبٍ كصدرِ السمهري المقومِ
يقول أحب من الفتيان كل كريم يأتي الناس بيته للضيافة نجيب طويل القد كالرمح المقوم
خطت تحته العيش الفلاة وخالطت ... به الخيل كبات الخميس العرمرمِ
أي قد سافر كثيرا وقطعت به الإبل الفلاة وشهد الحرب فخالطت به الخيل الجيش والكبة الصدمة والحملة من قولهم كبه لوجهه إذا ألقاه قال بعض العرب طعنته في الكبة طعنةً في السبة فأخرجتها من اللبة فقيل كيف طعنته في السبة وهي حلقة الدبر فقال إن رمحه كان قد سقط من يده فأكب ليأخذه فطعنته
ولا عفةٌ في سيفه وسنانهِ ... ولكنها في الكف والفرج والفمِ
أي هو عفيف النفس وليس بعفيف السيف والسنان إذا شهد الحرب قتل الأقران ولم يثعفف عن دمائهم
وما كل هاوٍ للجميلِ بفاعلٍ ... ولا كل فاعلٍ له بتممِ
يقول ليس كل من يحب الأمر الجميل يصنعه وليس كل من يصنعه يكلمه
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 323