responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي    الجزء : 1  صفحة : 319
يباعدن معناه يبعدن ووصله وصده معطوفان على الضمير في يجتمعن من غير أن أتى بتوكيد وهو جائز في الضرورة وجعل الأيام تجتمع مع الوصل والصد لأنهما يكونان فيها والظرف يتضمن الفعل وإذا تضمنه فقد لابسه فكأنه اجتمع معه يقول إذا كانت الأيام يبعدن منا الحبيب المواصل لنا فكيف يقربن الحبيب المقاطع المهاجر لنا والمعنى أن الأيام يبعدن عنا حبيبا ووصله موجود فكيف الطمع في حبيب صده موجود

أبى خلق الدنيا حبيبا تديمه ... فما طلبي منها حبيبا ترده
قوله تديمه من فعل الدنيا وكذلك ترده أي تدفعه ويجوز أن يريد ترده إلى الوصل يقول حبيب تديمه الدنيا لنا قد أبت ذلك أي تأبى أن تديم لنا حبيبا على الوصال فكيف إذ أطلب منها حبيبا تمنعه عن وصالنا أو كيف أطلب منها أن ترده إلى الوصل بعد أن أعرض وهجر

واسرع مفعول فعلت تغيرا ... تكلف شيء في طباعك ضده
يقول أن الدنيا لو ساعدتنا بقرب أحبتنا لما دام لنا ذلك لأن الدنيا بنيت على التغير والتنقل فإذا فعلت غير ذلك كانت كمن تكلف شيئا وهو ضد طباعه فيدعه عن قريب ويعود إلى طبعه كما قال حاتم، ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه، يدعه وتغلبه عليه إليه الرواجع، ومثله قول الأعور الشني، ومن يقترف خلقا سوى خلق نفسه، يدعه وتغلبه عليه الطبائع، وأدوم أخلاق الفتى ما نشأ به، وأقصر أفعال الرجال البدائع، ومثله قول إبراهيم المهدي، من تحلى شيمة ليست له، فارقته وأقامت شيمه، ومثله، يا أيها المتحلي غير شيمته، إن التخلق يأتي دونه الخلق،

رعى الله عيسا فارقتنا وفوقها ... مها كلها يولى بجفنيه خده
يدعو الإبل التي حملت النسوة فذهبت بهن وهو قوله وفوقها مها ثم ذكر أنهن يبكين لأجل الفراق فقال كلها يولى أي يمطر خده بجفنيه من الولي وهو المطر الذي يلي الوسمي جعل بكاءهن كالمطر من جفونهن

بواد به ما بالقلوب كأنه ... وقد رحلوا جيد تناثر عقده
أي فارقتنا بواد به من الوجد والوحشة لفراقهم ما بالقلوب أي استوحش وتغير لارتحالهم فصار كأنه جيد تناثر عقده يعني أن الوادي كان متزينا بهم فلما ارتحلوا تعطل من الزينة

إذا سارت الأحداج فوق نباته ... تفاوح مسك الغانيات ورنده
الرند شجر طيب الريح يقال أنه الآس يقول مراكب هذه النسوة إذا سارت فوق نبات الوادي وهو رند وهن قد استعملن المسك وتطيبن به اختلطت رائحة المسك برائحة الرند وذلك هو التفاوح

وحال كإحداهن رمت بلوغها ... ومن دونها غول الطريق وبعده
يقول رب حال هي في الصعوبة والإمتناع كإحدى هؤلاء النسوة في تعذر الوصول إليها طلبت أن أبلغها وقبل الوصول غليها بعد الطريق وما فيه من مهالك يعني أنه يطلب أحوالا عظيمة وغول الطريق ما يغول سالكه من تعبه ومشقته

وأتعب خلق الله من زاد همه ... وقصر عما تشتهي النفس وجده
هذا مثل ضربه لنفسه كأنه يقول أنا أتعب خلق الله لزيادة همتي وقصور طاقتي من الغنى عن مبلغ ما أهم به وهذا مأخوذ مما في الحديث أن بعض العقلاء سئل عن أسوء الناس حالا فقال من قويت شهوته وبعدت همته واتسعت معرفته وضاقت مقدرته وقد قال الخليل أبن أحمد، رزقت لبا ولم أرزق مروته، وما المروة إلا كثرة المال، إذا أردت مساماة تقاعدي، عما ينوه باسمى رقة الحال،

فلا ينحلل في المجد مالك كله ... فينحل مجد كان بالمال عقده
هذا نهي عن تبذير المال والاسراف في إنفاقه يقول لا يذهبن مالك كله في طلب المجد لأن من المجد مالا يعقد إلا بالمال فإذا ذهب مالك كله انحل ذلك المجد الذي كان يعقد بالمال ألا ترى إلى قول عبد الله بن معاوية، أرى نفسي تتوق إلى أمور، يقصر دون مبلغهن مالي، فلا نفسي تطاوعني ببخل، ولا مالي يبلغني فعالي، يتأسف على قصور ماله عن مبلغ مراده وأبو الطيب يقول ينبغي أن تقتصد في العطاء وتدخر المال لتطيعك الرجال فتنال العلى وتصل إلى الشرف ثم ضرب لهذا مثلا فقال

ودبره تدبير الذي المجد كفه ... إذا حارب الأعداء والمال زنده
يقول دبر مالك تدبير المحارب الذي لا يقدر على الضرب إلا باجتماع الزند والكف جعل الكف مثلا للمجد والزند مثلا للمال فكما لا يحصل الضرب إلا باجتماع الزند والكف كذلك لا يحصل الكرم والعلو إلا باجتماع المال يريد أنهما قرينان

اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست