اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 316
أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثنى وبياض الصبح يغري بي
جمع في هذا البيت بين خمس مطابقات الزيارة والانثناء وهو الإنصراف والسواد والبياض والليل والصبح والشفاعة والأغراء ولي وبي ومعنى المطابقة في الشعر الجمع بين المتضادين يقول أزورهم والليل لي شفيع لأنه يسترني عنهم وعند الأنصراف يشهرني الصبح وكأنه يغريهم بي حيث يريهم مكاني
قد وافقوا الوحش في سكني مراتعها ... وخالفوها بتقويضٍ وتطنيبِ
يقول هؤلاء الأعراب كالوحوش في أنهم سكنوا مراتعها من البدو غير أن لهؤلاء خياما يقوضونها ويطنبونها ولا خيام للوحوش والتقويض حط البيت
جيرانها وهم شر الجوارِ لها ... وصحبها وهم شر الأصاحيبِ
يقول هم جيران الوحوش غير أنهم شر المجاورين لها وأراد بالجوار المجاورين سماهم بإسم المصدر وأراد أنهم يسيئون الجوار مع الوحش لأنهم يصيدونها ويذبحونها وقال ابن جنى أراد هم شر أهل الجوار لها فحذف المضاف والأول الوجه
فؤادُ كل محبٍّ في بيوتهمِ ... ومال كل أخيذ المال محروبِ
يعني أن فيهم الجمال والشجاعة ونساؤهم بينهن القلوب ورجالهم ينهبون الأموال والمحروب الذي أخذت حريبته أي ماله
ما أوجه الحضر المستحسنات به ... كأوجه البدويات الرعابيب
الرعبوبة المرأة التارة السمينة يفضل نساء البدو على نساء الحضر يقول الأوجه المستحسنات بالحضر ليست كاوجه نساء البدو ثم ذكر العلة في البيت الثاني فقال
حسن الحضارة مجلوب بتظريةٍ ... وفي البداوةِ حسنٌ غير مجلوبِ
الحضارة الكون في الحضر والبداوة الكون في البدو وأراد حسن أهل الحضارة فحذف المضاف يقول حسنهم متكلف مجلوب بالاحتيال وحسن البدويات طبع طبعن عليه ثم ذكر لهن مثلا من الظباء والمعز
أين المعيز من الآرام ناظرةً ... وغير ناظرةٍ في الحسن والطيبِ
المعيز اسم لجماعة المعز كالكليب والعبيد جعل نساء الحضر كالمعز ونساء البدو كالظباء يقول أين يقع المعيز من الظباء في الحسن والطيب ناظراتٍ وغير ناظراتٍ أي الظباء أحسن منها عيوناً وغيرها من سائر الأعضاء
أفدى ظياء فلاةٍ ما عرفن بها ... مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
أراد بظباء الفلاة النساء العربيات وإنهن فصيحات لا يمضغن الكلام ولا يصبغن حواجبهن كعادة الحضريات
ولا برزن من الحمام مائلةً ... أوراكهن صقيلات العراقيبِ
أراد حسنهن من غير تصنع ولا تطريةٍ بدخول الحمام وصقل العرقوب
ومن هوى كل من ليست مموهةً ... تركت لون مشيبي غير مخضوبِ
التمويه شبه التلبيس يقول من حبي كل امرأةٍ لا تموه حسنها بتكلف وتعمل لم أخضب شيبي يعني أنهن ما موهن حسنهن فلم أموه أيضا شيبي
ومن هوى الصدق في قولي وعادتهِ ... رغبت عن شعرٍ في الوجه مكذوبِ
يقول من حبي الصدق في كل شيء تركت الشعر المكذوب في وجهي وهي الذي سود الخضاب فهو شعر مكذوب فيه والضمير في وعادته يعود إلى الصدق
ليت الحوادث باعتني الذي أخذت ... مني بحلمي الذي أعطت وتجريبي
يقول الحوادث أخذت مني الشباب وأعطتني الحلم والتجربة فليتها باعت ما أخذت مني بما أعطت وهذا من قول عليّ بن جبلة، وأرى الليالي ما طوت من قوتي، زادته في عقلي وفي إفهامي، وقول ابن المعتز، وما ينتقص من شباب الرجالِ، يزد في نهاها وألبابها،
فما الحداثة من حلمٍ بمانعةٍ ... قد يوجد الحلم في الشبان والشيب
يريد أنه كان قبل تحليم الحوادث أياه حليما وإن الحداثة لا تمنع من الحلم فقد يكون الشاب حليما كما قال أبو تمام، حلمتني زعمتم وأراني، قبل هذا التحليم كنتُ حليما،
ترعرع الملك الأستاذ مكتهلاً ... قبل اكتهالٍ أديبا قل تأديبِ
هذا تأكيد للذي قبله يريد أنه شب وارتفع مكتهلا أي في حلب الكهول قبل أن يكتهل وأديبا قبل أن يؤدب يعني أنه نشأ على طبع الحلم والأدب ولم يستفدهما من مر الليالي
مجربا فهماً من غير تجربةٍ ... مهذبا كرما من قبل تهذيبِ
أي ترعرع مجربا قبل ان يجرب لما طبع عليه من الفهم ومهذبا قبل أن يهذب بما طبع عليه من الكرم ونصب فهما وكرما على المصدر كأنه قال فهم فهما وكرم كرما ويجوز أن ينتصب على المفعول لهما
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 316