اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 301
ولا بطلا كالهزبر له مكان اللبد الدرع ولا جاريةً كالمهاة لها خدم من شبهها والمهاة التي هي البقرة الوحشية لا خدم لها من شبهها
ترمي على شفراتِ الباترات بهم ... مكامنُ الأرض والغيطان والأكمُ
أي لقرب حينهم وحلول آجالهم لم ينفعهم الهرب حتى كأن مهاربهم من الغيطان والجبال ترمي بهم على حد السيف
وجاوزوا أرسناسا معصمين به ... وكيف يعصمهم ما ليس ينعصمُ
يقول قطعوا هذا النهر متمسكين بقطعه ليعصمهم عنك وكيف يعصمهم ما ليس ينعصم منك لأنك تقطعه وتربه بالسفن ورآءهم
وما يصدك عن بحرٍ لهم سعةٌ ... وما يردك عن طودٍ لهم شممُ
أي سعة بحارهم لا تصدك عنها لأنك تقطعها وإن كانت واسعةً وارتفاعُ جبالهم لا يردك عنها لأنك تفرعها
ضربته بصدور الخيل حاملةً ... قوماً إذا تلفوا قدما فقد سلموا
يقول ضربت النهر بصدور الخيل حتى عبرته وهي تحمل قوما التلف عندهم في الأقدام سلامة أي لا يهابون التلف بل يتسرعون إليه
تجفل الموج عن لبات خيلهمِ ... كما تجفل تحت الغارة النعمُ
يقول الموج ينبسط على الماء صادرةً عن صدور خيلهم السابحة فيه كما تنبسط النعم متفرقةً عند الغارة والتجفل الإسراع في الذهاب
عبرت تقدمهم فيه وفي بلدٍ ... سكانهُ رممٌ مسكونها حممُ
عبرت النهر بتقدم الفرسان فيه وفي بلد قتلت أهلها فصاروا رمما واحرقت مساكنهم فصارت حمما وحمم جمع حمة وهل كل ما احترق بالنار ومنه قول طرفة، أشجاك الربعُ أم قدمه أم رمادٌ دارسٌ حممهُ،
وفي أكفهم النار التي عبدت ... قبل المجوس إلى ذا اليوم تضطرمُ
يعني السيوف التي كانت مطاعةً في كل وقت قبل أن عبدت المجوسُ النار وهي نارٌ تضطرم إلى هذا اليوم أي تتوقد وتتبرق
هندية إن تصغر معشرا صغروا ... بحدها أو تعظم معشرا عظموا
قاسمتها تل بطريقٍ فكان لها ... أبطالها ولك الأطفال والحرمُ
قاسمت سيوفك هذه البلدة يعني أهلها فأعطيتها المقاتلة أي قتلتهم وسبيت الذرية والنساء
تلقى بهم زبد التيار مقربةٌ ... على جحافلها من نضحه رثمُ
عنى بالمقربة السفن جعلها كالخيل المقربة وقد ذكرناها والنضح أثر الماء والرثم بياض في شفة الفرس العلياء يريد أنه عبر بالسبي الماء وهم في زوارق وسميريات ولما سماها مقربة جعل ما لصق من زبد الماء بها كالرثم في جحافل الخيل
دهم فوارسها ركاب أبطنها ... مكدودةٌ وبقومٍ لا بها الألمُ
أي سود مقيرةٌ يركب بطنها لا ظهرها والتعب في سيرها على الملاحين لا عليها
من الجياد التي كدت العدو بها ... وما لها خلق منها ولا شيمُ
يقول هذه المقربة يعني الزوارق من الخيل التي جعلتها كيدا لاعدائك وليس لها خلق الخيل وصورها ولا أخلاقها
نتاج رأيك في وقتٍ على عجلٍ ... كلفظ حرف وعاهُ سامعٌ فهمُ
أي هم مما أحدثه رأيك في وقت قريب المدة كالمدة في فهم السامع كلمةً بها ناطق أي كانت المدة في اتخاذها كالمدة في فهم السامع حرفا أي كلمةً ويجوز أن يريد الواحد من حروف المعجم مما له معنى كع من وعيت ود من وديت
وقد تمنوا غداة الدرب في لجبٍ ... أن يبصروك فلما أبصروك عموا
اللجب اختلاط الأصوات واللجب بكسر الجيم نعتٌ للجيش العظيم الذي تختلط اصواتهم يقول أرادوا أن يبصروك فلما أبصروك غضت هيبتك عيونهم عنك فكأنهم عموا وذكر ابن جنى في تفسير عموا وجهين احدهما هلكوا وزالت ابصارهم والآخر عموا عن الرأى والرشد أي تحيروا وكلاهما ليس بالوجه
صدمتهم بخميس أنت غرتهُ ... وسمهريتهُ في وجههِ غممُ
جعل الرماح في هذا الجيش كالغمم في الوجه وهو كثرة الشعر وهو من قول الآخر، فلو أنا شهدناكم نصرنا، بذي لجب أزب من العوالي،
فكان أثبت ما فيهم جسومهم ... يسقطن حولك والأرواح تنهزم
والأعوجية ملء الطرق خلفهم ... والمشرفية ملء اليوم فوقهم
الأعوجية الخيل المنسوبة إلى أعوج فحل معروف عن فحول العرب أي كانت لكثرتها تملأ الطرق وجعل السيوف ملء اليوم لأنها تعلوا في الجو وتنزل عند الضرب في الهواء فأينما كان النهار كانت السيوف وهذا مبالغة في القول وإغراق في الوصف
إذا توافقت الضربات صاعدةً ... توافقت قللٌ في الجو تصطدمُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 301