اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 300
هذا البيت تفسير للمصراع الأخير من البيت الأول يقول سيوفه تخبرهم عن سيف الدولة بما علموا من إقدامه وشجاعته وصبره في الحرب وبما جهلوا منه لأنهم لم يعرفوا ما عنده من الشجاعة تمام المعرفة
الراجع الخيل محفاةً مقودةً ... من كل مثل وبارٍ أهلها إرامُ
يقول هو الذي يرد الخيل عن غزواته وقد حفيت بكثرة المشي يقودها من كل بلد مثل وبار في الهلاك وأهلها بادوا وهلكوا هلاك ارم وليس يريد أن وبار كان أهلها أرم بل يريد أن الديار التي رد عنها خيله كانت كوبار خرابا وأهلها هلاكا ووبار مدينة قديمة الخراب يقال أنها من مساكن الجنّ قال ابن جنى وهي مبنية على الكسر مثل حذامِ وقطامِ وإرمُ جيل من الناس هلكوا في قديم الدهر يقال أنهم من عادٍ
كتل بطريق المغرور ساكنها ... بأن دارك قنسرون والأجمُ
تل بطريق بلد بالروم وهو تفسير لقوله من كل مثل وبار يعني من كل بلد مثل وبار كتل بطريق التي غر ساكنها بأنك بعيد عنهم لا تقدر على قطع ما بينك وبينهم من المسافة وقنسرون بالشام والأجم مكان بقرب الفراديس
وظنهم أنك المصباح في حلبٍ ... إذا قصدت سواها عادها الظلمُ
أي غروا بظنهم أنك لا ترتحل عن حلب لأنك إذا ارتحلت عنها وبعدت انتقضت عليك ولايتها
والشمس يعنون إلا أنهم جهلوا ... والموت يدعون إلا أنهم وهموا
أي جهلوا أنك كالشمس تعم الأماكن وإن كانت بعيدة وغلطوا فلم يعرفوا أنك كالمو الذي لايتعذر عليه مكان
فلم تتم سروج فتح ناظرها ... إلا وجيشك في جفنيه مزدحمُ
يقول لم تصبح سروج إلا وخيلك مزدحمة عليها جعل الصباح لها بمنزلة فتح الناظر
والنقع يأخذ حرانا وبقعتها ... والشمس تسفر أحيانا وتلتثمُ
حران على بعد من سروج يعني أن الغبار وصل إليها لعظم الحرب وقال أوب العلاء المعري بقعتها بفتح الباء مكان كالبطحاء يعرف ببقعة حران وأحسن بما قال فإن ذكر البقعة بالضم ها هنا لا يحسن لأن النقع إذا أخذ حرانا أخذ بقعتها وإن لم تذكر
سحب تمر بحصنِ الران ممسكةً ... وما بها البخل لولا أنها نقمُ
يعني جيش سيف الدولة وحسن الران من عمله يقول أمساكها ليس بخلا وإنما هو اشفاق على دياره والنقم تصب على ديار الأعداء
جيش كأنك في ارضٍ تطاولهُ ... فالأرض لا أمم والجيش لا أممُ
التاء في تطاوله للارض يقول بعدت الأرض فاطلت كأنها تطاول جيشك الكبير البعيد أطرافه ولاكهما كان طويلا ثم فسر هذا بقوله
إذا مضى علم منها بدا علمٌ ... وإن مضى علم منه بدا علمُ
علم الأرض هو الجبل وعلم الجيش معروف أي فلا الجبال كانت تفنى ولا أعلام الجيش
وشرب أحمت الشعري شكائمها ... ووسمتها على آنافها الحكمُ
الشرب جمع الشارب وهو الضامر من الخيل والشعري من نجوم القيظ يقول حميت حدائد لجمها بحرارة الهواء حتى جعلت الحكم وهو جمع حكمة اللجام تسم أنوف الخيل
حتى وردن بمسنين بحيرتها ... تنش بالماء في أشداقها اللجمُ
حتى وردت الخيل بحيرة هذا الموضع وكرعت في الماء فسمع للجمها نشيش في أشداقها ويريد أنها كانت محماةً فلما أصابها الماء نشت ويريد أنها لسرعتها تشرب الماء على اللجم
وأصبحت بقورى هنزيط جائلةً ... ترعى الظبا في خصيب نبتهُ اللممِ
يقول أصبحت الخيل بقرى هذا المكان تجول للغارة والقتل والسيوف ترعى في مكان خصيب من رؤوسهم غير أن نبت ذلك المكان الشعور والمعنى أن السيوف تصل من الرؤوس مثل ما يصل إليه المال الراعي في البلد الخصيب
فما تركن بها خلداً له بصرٌ ... تحت الترابِ ولا بازا له قدمُ
الخلد ضرب من الفار ليس لها عيون يعني أن أهل الروم كانوا قسمين قسم دخل المطامير والأسراب كالفار إذا ريعت من شيء دخلت جحرها وقسم توقلوا في الجبال واعتصموا بها كالبازي يطير علواً وجعل من دخل الأسراب خلدا ذا أعين والذين تحصنوا بالجبال بزاةً لها أقدامٌ لأنه يريد بالفريقين ناسا والمعنى ما تركت السيوف انسانا دخل المطورة تحت الأرض فصال كالخلد ولا من تعلق برأس الجبال فصار كالبازي إلا اهلكته
فلا هزبرا له من درعهِ لبدٌ ... ولا مهاةً لها من شبهها حشمُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 300