اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 298
ألمخفرين بكل أبيض صارمٍ ... ذمم الدروع على ذوي التيجانِ
أي الذين ينقضون عهود الدروع على الملوك بسيوفهم وذلك أنهم تحصنوا بالدروع فكأنهم في ذممها ثم سيوف هؤلاء تنقض تلك الذمم بهتك دروعهم والوصول إلى أرواحهم والمخفر الذي ينقض العهد
متصعلكين على كثافة ملكهم ... متواضعين على عظيم الشان
التصعلك التشبه بالصعاليك وهم المتلصصون الذين لا ما لهم يقول هم على عظم ملكهم كالصعاليك لكثرة أسفارهم وغاراتهم وهم مع عظم شأنهم يتواضعون تقربا من الناس
يتقيلون ظلال كل مطهمٍ ... أجل الظليمِ وربقةِ السرحانِ
روى ابن جنى والناس كلهم يتقيلون من قولهم فلان يتقيل أباه إذا كان يتبعه ثم قال معناه يتقيلون آباءهم السابقين إلى المجد والشرف كالفرس المطهم وقال غيره على هذه الرواية معنى يتقيلون ينامون وقت الظهيرة في ظل خيلهم أي هم بداةٌ لا ظل لهم فإذا قالوا لجؤوا إلى ظلال خيلهم وهذا قول العروضي وقال ابن فورجة ليست الرواية إلا يتفيؤون والمعنى أنهم يستظلون بأفياء خيلهم في شدة الحر يصفهم بالتغرب والتبدي ومعنى قوله أجل الظليم وربقة السرحان أنها إذا طردت النعام والذياب ادركتها فقتلتها ومنعتها من العدو وهو من قول امرء القيس، بمنجرد قيدٍ الأوابدِ هيكلِ،
خضعت لمنصلك المناصل عنوةً ... وأذل دينك سائر الأديانِ
وعلى الدروب وفي الرجوع غضاضةٌ ... والسير ممتنع من الإمكانِ
قال ابن جنى سألته عن هذا فقال معناه وكان هذا الذي ذكرته على الدروب أيضا إذ في الرجوع غضاضة على الراجع وإذا السير ممتنع من الإمكان قال العروضي نعوذ بالله من الخطل لو كان سأله لأجابه بالصواب وجواب وعلى الدروب ظاهر في قوله نظروا إلى زبر الحديد والقول ما قال العروضي لأنه لو كان كما قال أبو الفتح لما احتاج إلى الواو في قوله وعلى الدروب لأنه يقال كان كذا وكذا على الدروب ولكن الواو في وعلى الدروب واو الحال وكذلك ما بعدها من الواوات يقول حين كنا على الدروب يعني مضايق الروم واشتد الأمر حتى تعذر الإنصراف والتقدم
والطرق ضيقة المسالك بالقنا ... والكفر مجتمع على الإيمانِ
وضاقت الطرق بكثرة الرماح وأهل الكفر محيطون بأهل الإيمانِ
نظروا إلى زبر الحديد كأنما ... يصعدن بين مناكب العقبانِ
يقول في هذه الأحوال التي ذكرها وفي المكان الذي ذكره نظروا إلى المسلمين وهم مقنعون في الحديد حتى كأنهم قطع الحديد لاشتماله عليهم وهم يركبون خيلا كالعقبان في خفتها وسرعتها ويجوز أن يريد بزبر الحديد السيف وصعودها إلى الهواء برفع الأبطال أياها للضرب وهذا أولى لأنه ذكر الفوارس في قوله
وفوارسٍ يحيى الحمامُ نفوسها ... فكأنها ليست من الحيوان
ونظروا إلى فوارس إذا قتلوا في الحرب حيوا يرون حيوتهم في هلاكهم في الحرب وكأنهم ليسوا من الحيوان لأن الحيوان لا يحيا بهلاكه والمعنى أنهم غزاة ومن استشهد منهم بالقتل صار حيا مرزوقا عند الله تعالى
ما زلت تضربهم دراكا في الذرى ... ضربا كأن السيف فيه اثنانِ
أي ما زلت تضربهم ضربا متتابعا في أعالي ابدانهم ضربا يعمل السيف الواحد فيهم عمل السيفين
خص الجماجم والوجوه كأنما ... جاءت إليك جسومهم بأمانِ
فرموا بما يرمون عنه وأدبروا ... يطؤون كل حنيةٍ مرنانِ
الحنية القوس والمرنان الذي يسمع له رنين يقول رموا بالقسي التي كانوا يرمون عنها وادبروا يطؤونها في الهزيمة
يغشاهم مطر السحاب مفصلا ... بمهندٍ ومثقفٍ وسنانِ
يعني أن وقع السلاح بهم كوقع المطر يأتي دفعةً وأراد بالسحاب الجيش وبالمطر الوقعات التي تقع بهم من هذه الأسلحة التي ذكرها وهي تقع بهم مفصلة لأنهم يطعنون تارةً بالرماح وتارةً بالسيوف يضربون
حرموا الذي أملوا وأدرك منهمُ ... آمالهُ من عادَ بالحرمانِ
حرموا ما أملوا من الظفر بك ومن عاد إلى بيته بحرمان الغنيمة فقد أدرك أمله لأنه نجا برأسه ومن روى بالذال فمعناه أدرك أمله بالحيوة وأغتنم النجاة من هلاكه بحرمان الغنيمة ورضى بهم فلم يحضر الحربَ
وإذا الرماح شغلن مجهة ثائرٍ ... شغلته مهجته عن الإخوانِ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 298