اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 296
أي إذا طلبت عطاءه لم ير جميع الدنيا لو أعطاها قضاء حق لك
مهلا ألا لله ما صنع القنا ... في عمرو حاب وضبةَ الأغتامِ
أراد عمرو بن حابس فرخم المضاف إليه وذلك غير جائز لأن الترخيم حذف يلحق أواخر الأسماء في النداء تخفيفا والكوفيون يجيزونه في غير النداء وينشدون، أبا عروَ لا تبعدْ وكل ابن جرةٍ، سيدعوه أغتاما لأنهم كانوا جاهلين حين عصوه حتى فعل ما فعل
لما تحكمت الأسنة فيهمِ ... جارت وهن يجرن في الأحكامِ
فتركتهم خلل البيوتِ كأنما ... غضبت رؤسهم على الأجسامِ
أي غزوتهم في عقر دارهم حتى تركتهم خلال بيوتهم أجساما بلا رؤوس
أحجار ناسس فوق أرضٍ من دمٍ ... ونجومُ بيضٍ في سماء قتامِ
يصف المعركة وكثرة القتلى يقول صارت الأرض دما وصار مكان الحجارة ناس قتلى فوق تلك الأرض والهوا صار نجوما من البيض في سماء من العجاج
وذراع كل أبي فلان كنيةً ... حالت فصاحبها أبو الأيتامِ
وذراع عطف على قوله احجارُ ناس والمعنى ثم احجار ناس وثم ذراع كل أبي فلان أي ذراع مقطوعة من رجل كان يكنى أبا فلان فلما قتل حالت كنيته فصار صاحب تلك الكنية يقال له أبو الأيتام لن ولده ييتمُ بهلاكه ونصب كنيةً على الحال من أبي فلان وتقديره كل أب لفلانٍ لأن ما بعد كل إذا كان واحدا في معنى جماعةٍ لا يكون إلا نكرة كما تقول كل رجل وكل فرس وهذا كما يقال رب واحدِ أمهِ لقيت ورب عبد بطنه ضربت على تقدير رب واحد لأمه ورب عبدٍ لبطنه فالإضافة يراد بها الإنفصال
عهدي بمعركةِ الأمير وخيلهِ ... في النقع محجمةً عن الإحجامِ
يجوز وخيله بالكسر عطفا على المعركة وتنصب محجمة على الحال ومن رفع وخيله فالواو للاستئناف ومعناه الحال يقول لم أعهد معركته إلا وخيله مقدمةٌ متأخرة عن الأحجام
صلى الإله عليك غير مودعٍ ... وسقى ثري أبويك صوب غمامِ
قول الناس عند التوديع غير مودع معناه أنا معك قلبا وإن فارقت شخصا ويجوز أن يكون من جهة الفأل ويجوز أن يكون المعنى أن روحي صحبتك فأنت مشيع غير مودع
وكساك ثوب مهابةٍ من عنده ... وأراك وجه شقيقك القمقامِ
عني أخاه ناصر الدولة والقمقام السيد واصله البحر لأنه مجتمع الماء من قولهم قمقم الله عصبه أي جمعه وقبضه
فلقد رمى بلد العدو بنفسه ... في روق أرعن كالغطم لهامِ
روق العسكر أوله ومقدمته والمعنى في روق جيش أرعن والغطم البحر العظيم الماء واللهام الذي يلتهم كل شيء
قوم تفرست المنايا فيكمُ ... فرأت لكم في الحرب صبر كرامِ
يقول أنتم قوم تأملتكم المنايا فرأتكم في الحرب صبرا كراما وإذا صبروا في الحرب كانت المنايا إليهم اسرع
تالله ما علم امرؤ لولاكم ... كيف السخاء وكيف ضرب الهامِ
أي منكم استفاد الناس السماحة والشجاعة ولولا أنتم لما عرفتا وقال أيضا يمدحه وقت منصرفه من بلاد الروم سنة 345
الرأي قبل شجاعة الشجعانِ ... هو أول وهي المحل الثاني
أي العقل مقدم على الشجاعة فإن الشجاعة إذا لم تصدر عن عقل أتت على صاحبها فاهلكته وتسمى خرقا والمعنى أن العقل في ترتيب المناقب هو الأول ثم الشجاعة ثانٍ له
فغذا هما اجتمعا لنفسٍ مرةٍ ... بلغت من العلياء كل مكانِ
إذا اجتمع العقل والشجاعة لنفس مرة أبيةٍ للذلل والضيم ولا تستلينها الأعداء بلغت أعلى المبالغ من العُلى
ولربما طعن الفتى أقرانه ... بالرأي قبل تطاعن الأقرانِ
هذا تفضيل للعقل يقول قد طعن أقرانه بالمكيدة ولطف التدبير ودقة الرأي قبل أن يصرح القتال
لولا العقول لكان أدنى ضيغمٍ ... أدنى إلى شرفٍ من الإنسانِ
ولما تفاضلت النفوس ودبرت ... أيدي الكماة عوالي المرانِ
يقول إنما تتفاضل نفوس الحيوان بالعقل فالأدمي أفضل من البهيمة لعقله ثم بنو آدم يتفاضلون أيضا بالعقل كما قال المامون الأجساد أبضاع ولجوم وإما تتفاضل بالعفل فإنه لا لحم أطيب من لحمٍ وقوله ودبرت يعني ولما دبرت أي إنما توصلوا إلى استعمال الرماح في الحرب بالعقل ولولا العقل ما عرفت الأيدي تدبير الطعان بالرماح يريد أن الشجاعة إنما تستعمل بالعقل
لولا سميُّ سيوفه ومضاؤه ... لما سللن لكن كالأجفانِ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 296