اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 295
المجانة مثل الخلاعة والماجن الذي لا يبالي ما بتكلم به والعرام الخبث والشرة من أخلاق الشباب يقول لنفسه حين كنت شابا ولم تبتل بالفراق وما كنت تدري وجد الفراق وشدته فكنت تهزأ به غافلا عنه في شرتك وعرامك
ليس القباب على الركاب وإنما ... هن الحياة ترحلت بسلام
ليس الذي تراه قبابهن وهوادجهن على الإبل ولكنها الحياة ترحلت عنا يعني أنه يموت بعد فراقهن
ليت الذي خلق النوى جعل الحصى ... لخفافهن مفاصلي وعظامي
متلاحظين نسح ماء شؤوننا ... حذراً من الرقباء في الأكمامِ
أي هي تنظر إليّ وأنا أنظر إليها وكلانا يبكي ويستر بكاءه وقدم الحال على العامل فيها وهو قوله نسح
أرواحنا انهملت وعشنا بعدها ... من بعد ما قطرت على الأقدام
لو كن يوم جرين كن كصبرنا ... عند الرحيل لكن غير سجامِ
يقول لو كانت الدموع يوم جرت كصبرنا في القلة لكانت قليلة ولم تكن سجاما غزيرة وقوله كن يوم جرين أخبار عن جريها فيما مضى من يوم الفراق وقوله كن كصبرنا اخبار عن كونها غزيرة لا تشبه الصبر في القلة والتقدير لو كن كصبرنا يوم جرين ولم يفد الكون الأول إلا الأخبار عن جريها فيما مضى ويجوز أن يقدر الكون الأول والثاني زيادةً والعرب ربما تجعل الكون صلة في الكلام وكثيرٌ من النحويين حملوا الكون في قوله تعالى كيف نكلم من كان في المهد صبيا على الزيادة وينشدون قول الفرزدق، جياد بني أبي بكرٍ تسامي، على كان المسومة العراب، وكان في هذا البيت زيادة بلا خلاف
لم يتركوا لي صاحبا غير الأسى ... وذميل ذعلبةٍ كفحل نعامِ
ذعبلة ناقة سريعة يقول فارقوني فصاحبت بعدهم الحزن وسير ناقةٍ كالظليم في سرعتها
وتعذر الأحرار صير ظهرها ... إلا إليك على فرج حرامِ
يريد تعذر وجود الأحرار حرم عليّ أن أركبها إلا للقصد إليك لأنك الحر المستحق لأن يقصد ويزار فني اتجنب ركوبها إلا إليك كما ااتجنب فرجا حراما عليّ اتيانه
أنت الغريبة في زمانٍ أهلهُ ... ولدت مكارمهم لغير تمامِ
قال ابن جنى أنت الغريبة لأنه أراد الحال أو الخصلة أو السلعة وأخطأ في هذا لأنه لا يقال للرجل أنت الحال الغريبة أو الخصلة الغريبة وإنما خاطب بهذا الممدوح والصحيح أن يقال الهاء للمبالغة لا للتأنيث كما يقال راوية وعلامة أو يقال أنت الفائدة الغريبة في زمان أهله كلهم ناقصو الكرم لم تتم مكارمهم ويقال ولد المولود لتمام
أكثرت من بذل النوال ولم تزل ... علما على الإفضال والإنعامِ
العلم العلامة وهي التي يعرف بها الشيء يقول لم تزل يعرف بك الأفضال والإنعام أي لم تزل منعما مفضلا
صغرت كل كبيرةٍ وكبرت عن ... لكأنه وعددت سن غلامِ
يقول صغرت كل كبيرة بالإضافة إليك وكبرت عن ان تشبه بشيء فيقال كأنه كذا وأنت مع ذلك شاب لم تبلغ الحنكة وهو أشرف لك وأمدح واللام في لكأنه لام التأكيد وتدخل في ابتداء الكلام
ورفلت في حلل الثناء وإنما ... عدم الثناء نهايةُ الإعدامِ
يقول عليك من الثناء حلل سابغة تتبختر فيها وهاية الإعدام عدم الثناء لا عدم الثراء
عيب عليك ترى بسيفٍ في الوغا ... ما يصنع الصمصام بالصمصامِ
أراد أن ترى فحذف أن والباء في بسيف هي بمعنى مع كما يقال ركب الأمير بسلاحه وأراد أنت في حدتك ومضائك فلا حاجة بك إلى السيف
إن كان مثلك كان أو هو كائنٌ ... فبرئت حينئذٍ من الإسلامِ
هذا من المدح البارد الذي يدل على رقة دين وسخافة عقل وهو من شعر الضبي
ملك زهت بمكانه أيامه ... حتى افتخرن به على الأيامِ
يقال زهيَ الرجل فهو مزهو إذا تكبر وكان حقه أن يقال زهيت إلا أنه جاء به على لغة طيىءٍ في قولهم بقي في بقي كذلك قال زهي في زهيَ فسكن الياء فلما دخلت تاء التأنيث سقطت الياء الساكنة
وتخاله سلب الورى من حلمهِ ... أحلامهم فهم بلا أحلامِ
أي لرجاحة حلمه على أحلام الناس كأنه أخذ أحلامهم فجمعها إلى حلمه
وإذا امتحنت تكشفت عزماتهُ ... عن أوحدي النقص والإبرامِ
أي عن رجل أوحدي النقص والإبرام والمعنى أنه لا نظير له في عزماته نقص الأمر أو أبرمه
وإذا سألت بنانه عن نيلهِ ... لم يرض بالدنيا قضاء ذمامِ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 295