اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 283
المهلبة المقطوعة الهلب وهو شعر الذنب والشقاشق جمع الشقشقة هي لهاة البعير إذا هدر فيها أخرجها من فمه يقول كان طغيانهم وغيهم مثل هدير فحول تهادرت فانتدب لها قرم مصعب فضغمها وسار عليها فتركها مهلبة الاذناب ساكنة الهدير يريد هربت بين يديه وولته أذنابها فهلبها أي أخذ خصل شعرها فسكن هديرها خوفا ورهبا هذا كلام ابن جنى وقال ابن فورجة الفحل إذا أخذ هلبه ذل لأن الفحول إنما تتخاطر بأذنابها وإذا أخذ شعر ذنبها ذلت ألا ترى إلى قول الشاعر، أبى قصرُ الأذناب أن تخطروا بها، وإنما هذا مثل يريد أنه أتاهم فاذلهم وصغر أمرهم
فما حرموا بالركض خيلك راحةً ... ولكن كفاها البر قطع الشواهق
يقول هم بفرارهم منك واحواجهم إياك إلى الركض خلفهم لم يحرموا خيلك راحةً لأنك لو لم تذهب إليهم لقصدت الروم ولما قصدت هؤلاء كفى خيلك السير في البراري قطع الجبال بأرض الروم
ولا شغلوا صم القنا بقلوبهم ... عن الركز لكن عن قلوب الدماسق
أي أنك لو لم تحاربهم ما كنت تركز رماحك تاركا للحرب بل كنت تغزو الروم فهم إنما شغلوا رماحك بحربهم عن طعن قلوب أهل الروم أي فلا راحة لخيلك ولا لسلاك والدماسق جمع دمستق على حذف التاء لأن هذا الأسم لو كان عربيا كانت التاء زائدةً
ألم يحذروا مسخ الذي يمسخ العدى ... ويجعل أيدي الأسدِ أيدي الخرانق
يريد بمسخ الأعداء أن يجعل الشجعان منهم جبناء والأقوياء ضعفاء ويجعل الأيدي القوية كأيدي الأسود ضعيفةً كأيدي الخرانق وهي الأناث من أولاد الأرنب
وقد عاينوه في سواهم وربما ... أرى مارقا في الحرب مصرع مارق
يقول قد روك في سواهم كيف فعلت وكيف غلبت فكان من حقهم أن يعتبروا بغيرهم هذا معنى قوله وربما أرى مارقا في الحرب أي ربما أرى سيف الدولة العاصي الذي خرج عن الطاعة مصرع آخر حتى يعتبر الثاني بالأول كما قال أشجع، شد الخطام بأنف كل مخالفٍ، حتى استقام له الذي لم يخطم،
تعود أن لا تقضم الحب خيله ... إذا الهام لم ترفع جنوب العلائقِ
العلائق جمع العليقة وهي المخلاة تعلق من رأس الدابة لتعتلق وجنوبها نواحيها وجيوبها ما جيب من أعلاها أي فتح وجيب المخلاة فمها وعلى هذا يروى لم ترقع ويكون المعنى إذا الرؤس لم تسد جيوب المخالي يقول تعودت خيله أن لا تقضم إلا من المخلاة لأنها أبدا تسافر ويجوز أن يريد بالهام هام الأعداء وأنها لكثرتها قد اجتمعت حتى توضع عليها مخالي دوابه فترفعها إليها وقد تعودت خيله في اعلافها ذلك وهذا قول ابن جنى حكاه عن ابي الطيب فقال الفرس إذا علقت عليها المخلاة طلبت لها موضعا مرتفعا تجعلها عليه ثم تأكل فخيله أبدا إذا أعطيت عليقها رفعته على هام الرجال الذين قتلهم لكثرة ما هناك من ذاك
ولا ترد الغدران إلا وماؤها ... من الدم كالريحان تحت الشقائق
قال ابن جنى أي لكثرة من قتل من أعدائه قد جرت الدماء إلى الغدران فغلبت على خضرة الماء حمرة الدم والماء يلوح من خلال الدم وماء الغدير أخضر من الطحلب فشبه خضرة الماء وحمرة الدم بالريحان تحت الشقائق وقال ابن فورجة إنما يعني أنه لا يروم الهوينا ولا تشرب خيله الماء إلا وقد حاربت عليه وأحرم الماء من دم الأعداء كما قال بشار، فتًى لا يبيت على دمنةٍ، ولا يشرب الماء إلا بدمْ،
لوفد نميرٍ كان أرشد منهمُ ... وقد طردوا الأظعان طرد الوسائقِ
يقول هؤلاء الذين وفدوا إليك من بني نمير كانوا أرشد من الذين هربوا عاصين وطردوا نساءهم كما تطرد الوسائق وهي جمع وسيقة وهي طريدة من الغنم ثم ذكر كيف فعل بنو نمير
أعدوا رماحاً من خضوعٍ وطاعنوا ... بها الجيش حتى رد غرب الفيالقِ
يقود ردوا عن أنفسهم معرة الجيش بإظهارهم الخضوع لك فقام خضوعهم مقام رماحٍ طاعنوا بها مدافعين عن أنفسهم وهذا من قول أبي تمام، فحاط له الإقرار بالذنب روحه، وجثمانه إذ لم تحطه قنابله،
فلم أر أرمى منه غير مخاتلٍ ... وأسرى إلى الأعداء غير مسارقِ
يقول يم أرأحدا يرمي أعداءه جهارا ويسري إلى اعدائه معالنا غير مسر كما يرمي هو ويسري هو يعني أنه لا يحتاج إلى المخاتلة والمسارقة في الظفر بعدوه
تصيب المجانيق العظام بكفه ... دقائق قد أعيت قسى البنادق
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 283