responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي    الجزء : 1  صفحة : 280
العذيب وبارق موضعان معروفان ويجوز أن يكون ما بينهما ظرفا للتذكر والظاهر أنه ظرف للمجر والمجرى ويحمل الكلام على أني جعل ما بين العذيب مفعول تذكرت ويجعل مجر عوالينا بدلا منه على أن يكون بدل الاشتمال كأنه قال مجر عوالينا فيه فحذف للعلم به ويجوز أن تكون ما زائدة والمعنى أنهم كانوا نزولا بين هذين الموضعين وكانوا يجرون الرماح عند مطاردة الفرسان ويسابقون على الخيل والمجرى بفتح الميم وضمها يكونان مصدرا ومكانا

وصحبة قوم يذبحون قنيصهم ... بفضلاتِ ما قد كسروا في المفارقِ
وتذكرت صحبة قومٍ صعاليك يذبحون ما يصيدون بما بقي من نصول سيوفهم التي قد كسروها في الرؤوس وفي هذا إشارة إلى جودةٍ ضربهم وقوةِ سواعدهم

وليلاً توسدنا الثوية تحته ... كأن ثراها عنبر في المرافقِ
الثوية موضع بقرب الكوفة يقول تذكرت ليلا اتخذنا فيه هذا المكان وسائد لنا أي نمنا عليه وكان طيب التراب وكأن ثراها الذي تتربت به مرافقنا حين اتكأنا عليها عنبر فيها قال ابن الصعلوك الفاتك لا وسادة له قال العروضي فيما استدرك عليه ألا ينظر أبو الفتح إلى قوله توسدنا الثوية وإنما يصف تصعلكه وتصعلك اصحابه وصبرهم على شدائد السفر وإن الفضلات المكسرة من السيوف مداهم والأرض وسائدهم لنه وضع رأسه على المرفق من يده وإنما سميت الوسادة مرفقةً لأن المرفق يوضع عليها ولا يفتخر الصعلوك بوضع الرأس على الوسادة وهذا من قول البحتري، في رأس مشرفةٍ حصاها لؤلؤ، وترابها مسك يشاب بغنبرِ،

بلاد إذا زار الحسان بغيرها ... حصى تربها ثقينه للمخانق
أي إذا حمل حصى هذه البلاد إلى النساء الحسان بأرض غيرها ثقبنه لمخانقهن لحسنه ونفاسته والحصى مرفوع بفعله وهو قول البحتري حصاها لؤلؤ

سقتني بها القطربلي مليحةٌ ... على كاذبٍ من وعدها ضوء صادق
قطربل موضع معروف تنسب إليه الخمر ومنه قول ابن هانيء، قطربلٌ مربعي ولي بقربي الكرخ مصيف وأمي العنبُ، يقول سقتني الشراب القطربلي امرأة مليحةٌ على وعدها الكاذب ضوء الوعد الصادق أي يستحسن كلامها فيقبل كذبها قبول الصدق ويجوز أن يريد أنها تقرب الأمر وتعد كأنها تريد الوفاء بذلك فهو ضوء الصدق ويجوز أن يريد أن الوعد الكاذب منها محبوب مطلوبٌ

سهاد لأجفانٍ وشمسٌ لناظرٍ ... وسقمٌ لأبدان ومسك لناشقِ
قال ابن جنى أي قد اجتمعت فيها الأضداد فعاشقها لا ينام شوقا إليها وإذا رآها كأنه يرى بها الشمس وهي سقم لبدنه ومسك عند شمه هذا كلامه وقد جعل البيت من صفة المليحة وقال العروضي البيت من صفة القطربلي والخمر تجمع هذه الأوصاف فإن من اشتغل بشربها لهى عن النوم وهي بشعاعها كالشمس للناظر وهي ترخى الأعضاء فيصير شاربها كالسقيم لعجزه عن النهوض وهي طيبة الرائحة فهي مسك لمن شمها

وأغيد يهوى نفسه كل عاقلٍ ... عفيفٍ ويهوى جسمه كل فاسقِ
رفع الأغيد عطفا على المليحة والمعنى أنه جمع بين خفة الروح وحسن الجسم والفاسق يميل إليه حبا لجسمه والعاقل العفيف الذي لا يفسق يهوى روحه لخفته وظرافته

أديبٌ إذا ما جس أوتارَ مزهرٍ ... بلا كل سمعٍ عن سواها بعائقِ
يقول إذا أخذ العود فمس الأوتار أتى بما يشغل كل سمع عما سوى الأوتار لحذقه وجودة ضربه كما قال الآخر، إذا ما حن مزهرها إليها، وحنت نحوه أذن الكرامُ، وأصغوا نحوها الأسماع حتى، كأنهم وما ناموا نيامُ، ووصفه بالأدب أما لن ضرب العدو من آداب اليد وإما لأنه يحفظ الأبيات المليحة والأشعار النادرة ويؤكد هذا قوله

يحدث عما بين عادٍ وبينهُ ... وصدغاه في خدي غلامٍ مراهقِ
يريد أنه يأتي بالألحان القديمى والأشعار التي قيلت في الدهور الماضية والدساتين الفهلوية فهو بغنائه يحدث عما بين عادٍ وبينه وهو مع ذلك شاب مراهق ويريد بالتحديث على ما ذكرنا الغناء وقال ابن جنى أي هو أديب حافظ لأيام الناس وسيرهم واقاصيصهم والتحديث على هذا ليس الغناء

وما الحسن في وجه الفتى شرفا له ... إذا لم يكن في فعلهِ والخلائقِ
إذا لم يحسن فعل الفتى وخلقه لم يكن حسن وجهه شرفا له كما قال الفزاري، ولا خير في حسن الجسومِ وطولها، إذا لم يزن حسن الجسوم عقولُ، وكما قال العباس بن مرداس، فما عظم الرجال لهم بفخرٍ، ولكن فخرهم كرم وخيرُ

اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست