اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 270
أي أن ساق الرسل إليك خوفهم من جهتك القتل والأسر فقد فعلوا من الذل والانقياد لك ما كانوا يخافونه في قتلهم وأسرهم ثم فسر هذا فقال
فخافوك حتى ما لقتلٍ زيادةٌ ... وجاؤوك حتى ما تراد السلاسلُ
أي خافوك خوفا لم قتلتهم لم يزد خوفهم على ذلك وجاؤوك طائعين حتى لا تحتاج في أسرهم إلى السلاسل
أرى كل ي ملكٍ إليك مصيرهُ ... كأنك بحر والملوك جداولُ
إذا مطرت ومنك سحائب ... فوابلهم طل وطلك وابلُ
يعني أن كثيرهم قليل بالإضافة إليك وقليلك كثير بالإضافة إليهم
كريم متى استوهبت ما أنت راكب ... وقد لقحت حرب فإنك نازلُ
يقول أنت كريم إذا سئل منك فرسك وقد اشتدت الحرب وهبتها مع شدة حاجتك إلى الفرس
إذا الجود أعط الناس ما أنت مالكٌ ... ولا تعطين الناس ما أنا قائلُ
قال ابن جنى أي لا تعط الناس اشعاري فيسلخوا معانيها وهذا ليس بشيء لأنه لا يمكنه ستر أشعاره واخفاؤها عن الناس وأجود الشعر ما سار في الناس ولكن المعنى لا تحوجني إلى مدح غيرك
أفي كل يوم تحت ضبني شويعر ... ضعيف يقاويني قصير يطاولُ
هذا استفهام تعجب واستنكار يقول أفي كل يوم شويعر ضعيف قصير يساويني في القوة وهو تحت ضبني والضبن الحضن وفي هذا إشارة إلى استحقاره ذلك الشاعر حتى لو أراد أن يحمله تحت ضبنه قدر على ذلك ثم هو مع قصوره عنه يباهيه بمدح سيف الدولة
لساني بنطقي صامت عنه عادل ... وقلبي بصمتي ضاحك منه هازلُ
يقول يعدل عنه لساني فلا أكلمه ولا أهاجيه لأني لا أراه اهلا لذلك وقلبي يضحك منه يوهزل وإن كنت صامتا لا أبدي الضحك والهزل ثم بين لم يفعل ذلك فقال
وأتعب من ناداك من لا تجيبه ... وأغيظ من عاداك من لا تشاكلُ
وما التيه طبي فيهم غير أنني ... بغيض إليّ الجاهل المتعاقلُ
يقول ليس التكبر عادتي غير أني أبغض الجاهل الذي يتكلف ويرى أنه عاقل يعني بغضي إياهم يمنعني من كلامهم لا التكبر
وأكثر تيهي أنني بك واثق ... وأكثر مالي أنني لك أملُ
لعل لسيف الدولة القرم هبةً ... يعيش بها حق ويهلك باطلُ
يقول لعله يتنبه بما أقول فلا يستجيز من الشعراء ما يأتونه به من الكلام الركيك فيهلك باطلهم يعني شعرهم ويبقى الحق يعني شعره
رميت عداه بالقوافي وفضلهِ ... وهن الغوازي السالمات القواتلُ
يقول مدحته بنشر فضائله فكأني رميت بتلك القوافي التي ذكرت فيها فضائله أعداءه فقتلتهم غيظا وحسدا ثم جعل القوافي غوازي قواتل حيث قتلت اعداءه بالغيظ والحسد وجعلها سالمةً لأنها تصيب ولا تصاب
وقد زعموا أن النجوم خوالد ... ولو حاربته ناح فيها الثواكلُ
يقول لو كانت النجوم جيشا ثم حاربته لقامت عليها النوائح يعني أنها وإن قيل أنها وإن قيل أنها خالدة لو حاربته لقتلها وأفناها
وما كان أدناها له لو أرادها ... وألطفها لو أنه المتناولُ
يقول لو أراد النجوم لدنت منه وفي جميع النسخ وألطفها برد الكناية إلى النجوم ولا معنى له والصحيح وألطفه برد الكناية إلى الممدوح أي ما ألطفه لو تناول النجوم على معنى ما أحذقه وأرفقه بذلك التناول من قولهم فلان لطيف بهذا الأمر أي رفيق يعني أنه يحسنه وليس باخرق
قريب عليه كل ناء على الورى ... إذا لثمته بالغبار القنابلُ
يقول قريب عليه كل بعيد على غيره إذا شد غبار الجيش على وجهه اللثام والقنابل جماعات الخيل واحدها قنبلة
تدبر شرق الأرض والغرب كفهُ ... وليس لها وقتاً عن الجود شاغلُ
يقول تدبير ممالك الشرق والغرب بكفه فإنه بسيفه وقوة يده يدبرها ومع كل هذا الشغل العظيم ليس لها شيء يشغلها وقتا عن الجود أي لا يغفل عن الجود وإن عظم شغله كما قال البحتري، تبيت على شغلٍ وليس بضائرٍ، لمجدك يوما أن يبيت على شغل، وتهوس ابن فورجة في هذا البيت فروى وليس لها وقت رفعا وشاغل صفته قال وفيه معنى لطيف ليس يوديه اللفظ إذا نصب الوقت وذلك أنه يريد لهذه الكف الشرق والغرب وما يحويانه وليس لها وقت يشغلها عن المجد وكف تملك الشرق والغرب بأن تملك ما هو أخف منهما أولى وهذا الذي قاله باطل محال لا يقوله غير جاهل والوجه نصب وقتا لأنه ظرف لشاغل
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 270