اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 262
القريحة الطبيعة يقال فلان جيد القريحة إذا كان ذكي الطبع يقول اذا ابتسمت إلى إنس انشرح صدره وحيى طبعه وقويت جوارحه وإن كان ضعيف الجسم لأنه يفرح والفرح يقوي القلب والجسم
ومن ذا الذي يقضي حقوقك كلها ... ومن ذا الذي سوى من تسامح
يقول حقوقك على الناس أكثر من أن يقدر أحد على القيام بقضائها ومن ذا الذي يرضيك بقضاء حقوقك غير من تسامحه وتساهله
وقد تقبل العذر الخفي تكرما ... فما بال عذري واقفا وهو واضحُ
وإن محالا إذ بك العيش أن أرى ... وجسمك معتلٌ وجسمي صالح
يقول إذا كان عيشنا بك فمن المحال أن تعتل فلم أشاركك في علتك
وما كان ترك الشعر إلا لأنه ... تقصر عن مدح الأمير المدائحُ
وقال وقد تشكى سيف الدولة من دملٍ سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة
أيدري ما أرابك من يريب ... وهل ترقى إلى الفلك الخطوبُ
يقال رابه وأرابه إذا افزعه وأوقع به شيئا يشكك في عاقبته أخيرا يكون أم شرا وقوم يفرقون بينهما فقالوا راب إذا أوقع الريبة بلك شك وأراب إذا لم يصرح بالريبة يقول الذي أرابك هل يدري من يريب أي هل يعلم الدمل بمن حل به ثم جعله كالفلك في العلو فقال أنت كالفلك فليس للخطوب إليك مصعد
وجسمك فوق همة كل داءٍ ... فقرب أقلها منه عجيبُ
يقول لا تطمع الادواء أن تحل بك فمن العجب أن يقربك أقل الأدواء والكناية في اقلها عائدة إلى الكل
يجمشك الزمان هوى وحبا ... وقد يؤذي من المقة الحبيبُ
التجميش شهب المغازلة وهو الملاعبة بين الحبيبين يقول الذي أصابك تجميش من الزمان حبا لك لأنك جماله وأشرف أهله وأن تأذيت به فقد يكون من الأذى مان يكون مقةً من المؤذي
وكيف تعلك الدنيا بشيء ... وأنت بعلة الدنيا طبيبُ
يقول أنت تشفي العلل عن الدنيا فتقوم المعوج وتنفي الظلم والعبث والفساد فكيف تعلك الدنيا وأنت طبيبها من علتها
وكيف تنوبك الشكوى بداء ... وأنت المستغاث لما ينوب
أي وكيف يصيبك المرض بداء وبك يستغاث مما ينوب من الزمان
مللت مقامَ يومٍ ليس فيه ... طعان صادق ودمق صبيبُ
المقام بمعنى الإقامة يقول إذا أقمت يوما ولم تخرج إلى الغزو ولم يكن فيه طعان ولا دم مصبوب فمللت ذلك أي أنك تعودت الطعان وسفك دماء الأعداء فإذا أقمت يوما واحدا مللت وقد صرح بهذا في قوله
وأنت الملك تمرضه الحشايا ... لهمته وتشفيه الحروبُ
وما بك غير حبك أن تراها ... وعثيرها لأرجلها جنيبُ
الضمير في تراها للخيل أضمرها وإن لم يجر لها ذكر لتقدم ما يدل عليها والجنيب الظل سمى به لأن الشخص إذا سار في الشمس تبعه ظله فكأنه يجنبه أي يقوده يقول ليس بك مرضٌ إلا أن تأتي العدو في خيلٍ تثير غبارا وهي تمشي في ظل ذلك الغبار ويجوز أن يريد أن الغبار يتبعها فكأنها تقود ذلك الغبار فإذا أحب ذلك ثم منع منه بالدمل الذي يشتكيه وصار ممنوعا مما يحبه فيضجر ويقلق
محجلةً لها أرض الأعادي ... وللسمر المناخر والجنوبُ
محجلة من نعت الخيل وهي حال لها وروى الخوارزمي محللة أي قد أحلت لها أرضُ الأعداء فهي تطأها وروى ابن جنى مجلحة وهي المصممة الماضية وللرماح مناخرهم وجنوبهم تخرقها
فقرطها الأعنة راجعاتٍ ... فإن بعيد ما طلمت قريب
يقول قرط الفارس عنان فرسه إذا أرخاه حتى يجعله في قذاله للحضر فيصير لأذنه بمنزلة القرط يقول ارخ الأعنة لترجع وتعود إلى بلد العدو فليس يبعد عليها ما طلبت
إذا داء هفا بقراط عنه ... فلم يعرف لصاحبه ضريب
جواب إذا قوله فلم يعرف واستعمل لم في موضع ليس لأنهما للنفي والضريب الشبيه ولم يعرف ابن جنى معنى هذا البيت ولا ابن فورجة أيضا فإنه تخبط في تفسير هذا البيت في كتابيه جميعا لأنه لم يعلم أيش الداء الذي غفل عنه بقراط فلم يذكره في طبه وذلك الداء قد ذكره أبو الطيب وهو أنه يمل أن يقيم يوما من غير طعان ولا صب دم وإن الحشايا تمرضه وأن شفا الحروب وقد ذكر أنه ليس به علةٌ غير حب الحرب وهذا ما لم يذكره بقراط لأنه ليس في طبه أن من مرض من ترك الحرب بأيش يداوي فقال أبو الطيب صاحب هذا الداء ليس له ضريب لأنه لا يعرف أحد يمرض لترك الحرب
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 262