اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 253
إذا شاء سيف الدولة أن يسخر من أحمق من الشعراء أمره باللحاق بي فهو بحمقه يظن أنه يقدر على إدراك شأوى وليس يقدر
وما كمد الحسادِ شيئا قصدتهُ ... ولكنه من يزحم البحر يغرقِ
يقول لم أقصد أن أكمد حسادي ولكنهم إذا زاحموني لم يطيقوا ذلك فيكمدوا ويحزنوا كمن زاحم البحر فغرق في مائه
ويمتحن الناس الأمير برأيه ... ويغضى على علمٍ بكل ممخرقِ
الممخرق لغة عراقية يراد بها صاحب الأباطيل والمخاريق والمخراق شيء يلعب به أما منديلٌ يلف أو خشب ومنه قول عمرو بن كلثوم، مخاريق بأيدي لاعبينا، ثم يسمى صاحب الأباطيل ممخرقا يقول يمتحنهم بعقله ليعرف ما عندهم ثم يغضى مع علمه بالمبطل من ذي الحق يعني أنه لا يكشف الستر عنه لكرمه
وإطراق طرفِ العين ليس بنافعٍ ... إذا كان طرف القلب ليس بمطرقِ
يقول أغضاؤه عنه لا ينفعه إذا كان يعرفه بقلبه والأطراق إن يرمي ببصره إلى الأرض
فيا أيها المطلوب جاوره تمتنع ... ويا أيها المحروم يممه ترزقٍ
أي يا من يطلب فيخاف طالبه كن جارا له حتى تصير منيعا لا تصل إليك يد ويا من حرم حظه من الرزق اقصده سائلا تصر مرزوقا
ويا أجبن الفرسان صاحبه تجتري ... ويا أشجع الشجعان فارقه تفرقِ
يريد أن من صاحبه صار جريا أما لأنه يتعلم منه الشجاعة وأما ثقة بنصرته ومن فارقه وإن كان شجاعا خاف وصار جبانا كما قال عليّ بن جبلةن به علم الإعطاء كل مبخلٍ، وأقدم يوم الروع كل جبان،
إذا سعت الأعداء في كيد مجده ... سعى مجده في جده سعى محنقِ
المحنق المغضب حنق الرجل وأحنقته احناقا يقول إذا سعت الأعداء ليكيدوا مجده فيطلبوه سعى جده في أبطال كيدهم سعى مجدٍ مغضبٍ ويروي في مجده أي في تشييد مجده ورفعه والمعنى جده يرفع مجده إذا قصد الأعداء وضعه
وما ينصر الفضل المبين على العدى ... إذا لم يكن فضل السعيد الموفق
أي لا يعينك فضلك الظاهر إذا لم يعنك جدك القاهر أي إذا لم يكن مع الفضل سعادة وتوفيق لم يعن ذلك الفضل صاحبه.
ودخل إليه ليلا وهو في وصف صلاح كان بين يديه فرفع فقال
وصفت لنا ولم نره سلاحاً ... كأنك واصفٌ وقت النزالِ
أي وصفت لنا سلاحا ولم نره لأنه رفع عن عندك فكأنك تصف وقت الحرب وذلك أنه إذا وصف مضاء السيف وبريقها كان ذلك كأنه وصف للقتال
وأن البيض صف على دروع ... فشوق من رآه إلى القتال
فلو أطفأت نارك تا لديه ... قرأت الخط في سودِ الليالي
تا أي هذه يعني النار التي أوقدت بين يديه ويعني نار الذبال التي يستصبح بها أي بريق تلك الأسلحة يغني عن النار في الإضاءة
ولو لحظ الدمشتق حافتيه ... لقلب رأيه حالا لحال
أي لو رأى الدمستق جانبي ذلك السلاح لأكثر تصريف رأيه في التوقي منه
إن استحسنت وهو على بساطٍ ... فأحسن ما يكون على الرجال
أراد استحسنته فحذف المفعول للعمل به
وإن بها وإن به لنقصاً ... وأنت لها النهاية في الكمالِ
يقول بالرجال وبالسلاح نقص وكمالها بك وأراد أن بها وبه لنقصا فزاد أن الثانية توكيدا كما قال الحطيئة، قالت أمامة لا تجزع فقلت لها، إن العزاء وإن الصبر قد غلبا وعرضت على سيف الدولة سيوف فوجد فيها واحدا غير مذهب فأمر باذهابه فقال أبو الطيب
أحسن ما يخضب الحديد به ... وخاضبيه النجيع والغضب
قال ابن جنى أراد أحسن ما يخضب الحديد به النجيع وأحسن خاضبيه الغضب وخاضبيه عطف على ما وجمع الخاضبين جمع التصحيح لأنه أراد من يعاقل ومن لا يعقل كقوله تعالى خلق كل دابة من ماء فمنهم كما يكنى عمن يعقل وذكر الغضب مجازا وأراد صاحب الغضب وقال ابن فورجة وخاضبيه قسم أراد وحق خاضبيه وجعل الغضب خضابا للحديد لأنه يخضبه بالدم على سبيل التوسع وحسن ذلك لأن الغضب يحمر منه الإنسان وهذا كقوله أحسن ما يخضب الخدود الحمرة والخجل يصبغ الخد أحمر فلما كانت الحمرة تابعة للخجل جمعهما تأكيدا كذلك لما كان النجيع تابعا للغضب جمعهما وهو يريد الدم وحده ويكون الغضب تأكيدا للنجيع أتى به للقافيى وقد صحت الرواية عن المتنبي وخاضبيه على التثنية كان النجيع خاضب والذهب خاضب واحسنهما الدم.
فلا تشينه بالنضار فما ... يجتمع الماء فيه الذهبُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 253