اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 249
عش من العيش وابق من البقاء واسم من السمو وسد من السيادة وقد من قود الخيل وجد من الجود ومر من الأمر وأنه من النهى أي كن صاحب أمر ونهى ورِ من الورى وهو دآء في الجوف يقال وراه الله وفِ من الوفاء واسر من سرى يسري ونل من النيل يقول اسر إلى اعداءك وأدرك منهم أرادتك ولهذا قال
غظ ارمِ صبِ احمِ اغزُ اسبِ رُعْ زَعْ دِ لِ اثنِ نلْ
أي غظ حسادك وارم من يكيدك ويشنأك وصب من صاب السهم الهدف يصيبه واحم حوزتك واغز اعداءك واسب أولادهم ورع اعداءك أي أفزعهم وزع من وزعته أي كففته ود من الدية أي تحمل الدية عمن تجب عليه ولِ من وليت الأمر إليَّ واثن اعداءك من مرادهم أي اصرفهم ونل من ناله ينوله إذا اعطاه وروى ابن جنى بل من الوابل وهو اشد المطر يقال وبلت السماء وهي وابلة والأرض موبولة
وهذا دعاء لو سكت كفيتهُ ... لأني سألت الله فيك وقد فعلْ
أي كل ما دعوت الله لك به لو لم أدع به كنت مكفيا ذلك لأني سألت الله لك وقد فعله فلا احتاج إلى أن اسأله ثانيا.
وحضر مجلس سيف الدولة في شوال سنة إحدى وأربعين وثلثمائة وبين يديه نارنج وطلعٌ وهو يمتحن الفرسان فقال لابن جش شيخ المصيصة لا تتوهم هذا للشرب فقال
شديد البعد من شرب الشمولِ ... ترنج الهندِ أو طلع النخيلِ
اللغة الصحيحة أترجة وأترج وحكى أبو زيد ترنجة وترنج قال ابن جنى أراد أنت شديد البعد من شرب الشمول وأراد بين يديك ترنج الهند أو في مجلسك فحذف لأنه مشاهد فدلت الحال على ما أراد وقال ابن فورجة أراد شديد البعد من شرب الشمول ترنج الهند لديك فحذف لديك وأتى به في البيت الثاني دالا به على المحذوف والظروف كثيرا ما تضمر وأراد من شرب الناس الشمول عليه وعلى رؤيته وهو من باب إضافة المصدر إلى المفعول كما تقول اعجبني دق هذا الثوب كذلك تقول ترنج الهند بعيد من شرب الشمول أي شرب الناس الشمول عليه والمعنى أن هذا الأترنج الذي حضرك لم يحضرك للشرب عليه لكن كل شيء فيه طيب يحضرك ويكون عندك وهو قوله
ولكن كل شيء فيه طيبٌ ... لديك من الدقيق إلى الجليلِ
وميدان الفصاحة والقوافي ... وممتحن الفوارس والخيولِ
يريد عندك تبين الفصيح من الالكن والشاعر من المفحم فجعل حضرته ميدانا للفصاحة والشعر ويجوز أن يريد بالممتحن المصدر والموضع أيضا وعارض المتننبي بعض الحاضرين في هذه الأبيات وقال كان من حقه أن يقول، بعيد أنت من شرب الشمول، على النارنج أو طلع النخيل لشعلك بالمعالي والعوالي، وكسب الحمد والذكر الجميل، وقدح خواطرِ العلماء فحصاً، ممتحن الفوارسِ والخيولِ، فقال أبو الطيب
أتيت بمنطق العرب الأصيل ... وكان بقدرِ ما عاينت قيلي
يقول الذي أتيت به هو كلام العرب العاربة وكان بياني بقدر العيان لأنه أراد الذي عندك من ترنج الهند بعيد من شرب الشمول عليه أي لم يستحضره ليشرب على رؤيته ولكنه بنى الكلام على ما عاين يقول إنما بنيت البيان على العيان فاغناني عن أن أقول أنت شديدُ البعد وفي مجلسك ترنج الهند
فعارضه كلام كان منهُ ... بمنزلِ النساء من البعولِ
يعني أن كلام المعارض من كلامه بمنزلة المرأة عن درجة الرجل أي أنه ينحط عن درجة كلامي انحطاط المرأة عن درجة الرجل وهذا من قول أبي النجم، إني وكل شاعرٍمن البشر، شيطانه أنثى وشيطاني ذكرْ،
وهذا الدر مأمون التشظي ... وأنت السيف مأمون الفلولِ
يقول هذا الكلام كالدر الذي لا تتفتت اجزاءه ولا يصير قطعا لاكتنازه وصلابته وأنت السيف الذي لا ينفل بالضرب
وليس يصح في الأفهام شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليلِ
يقول من احتاج إلى أن يعلم النهار بدليلٍ يدله عليه لم يصح في فهمه شيء لأنه لا فهم له كذلك كلامي كان واضحا فمن لم يفهمه كان كمن لا يعلم النهار نهارا.
وقال في ذي القعدة من هذه السنة وقد ورد رسول ملك الروم يلتمس الفدا فركب الغلمان بالتجافيف واظهروا العدة واحضروا لبوةً مقتولةً ومعها ثلثة أشبال في الحيوة فألقوها بين يديه
لقيت العفاة بآمالها ... وزرت العداةً بآجالها
أي أعطيت سائليك ما أملوا واحضرت آجال اعدائك بقتلهم
وأقبلت الروم تمشي إلي ... ك بين الليوثِ وأشبالها
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 249