اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 242
قال ابن جنى فلباه فيه قبح في الأعراب لأن هذه الهاء لا تثبت في الوصل إلا أن الكوفيين ينشدون بيتا وهو، يا مرحباه بحمار ناجيه، وآخر، يا رب يا رباه إياك أسأل، وآخر، وقد رابنى قولها قولها يا هناه ويحك ألحقت شرا بشر، والبصريون لا يلتفتون إلى شيء من هذا فقالوا في هناه الهاء بدل من الواو في هنوك وهنواتٍ فهي بدل من لام الفعل فلذلك جاز ضمها وقال أبو زيد في مرحباه أنه شبهها بحرف الأعراب فضمها وإذ قد أجاز قلباه فالوجه كسر الهاء لالتقاء الساكنين أو فتحها لذلك أيضا ولمجاورتها الألف وليس للضم وجه والمعنى أن قلبي حار من حبه وقلبه بارد من حبي وأنا عنده مختل الحال معتل الجسم أي اعتقاده فاسد فيّ.
ما لي أكتم حبا قد برى جسدي ... وتدعي حب سيف الدولة الأممُ
أي إذا كان الناس يدعون حبه فلم أخفيه أنا والمعنى أن العادة في حبه أن يظهر ولا يضمر فلم أعين على نفسي بكتمانه.
إن كان يجمعنا حب لغرتهِ ... فليت أنا بقدر الحب نقتسمُ
يقول أن حصلت في حبه الشركة فحظي أوفر منه فليتنا نقتسم فواضله وعطاياه بقدر الحب لأكون أوفر نصيبا من غيري كما أنا أوفر حبا من غيري.
قد زرته وسيوف الهند مغمدةٌ ... وقد نظرت إليه والسيوف دمُ
يريد أنه خدمه في حالي السلم والحرب.
فكان أحسن خلق الله كلهمِ ... وكان أحسن ما في الأحسن الشيمُ
أي كان في الحالين أحسن الخلق وكانت أخلاقه أحسن ما فيه
فوت العدو الذي يممته ظفرٌ ... في طيه أسف في طيهِ نعمُ
يقول فوت العدو الذي قصدته ففات منك بأن فر ظفر من وجهٍ حيث فر منك فكأنك ظفرت به وفيه أسف حين لم تدركه فتقتله وفي ضمن ذلك الأسف نعم حين كفيته دون القتال
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت ... لك المهابة ما لا تصنع البهمُ
أي خوف العدو منك ينوب عنك في شدة تأثيره فيهم فيصنع لك ما لا تصنعه وسالك الشجعان والمعنى أن مهابتك في قلوب أعدائك أبلغ من رجالك وأبطالك الذين معك.
ألزمت نفسك شيئاً ليس يلزمها ... أن لا تواريهم أرض ولا علمُ
يقول لا يلزمك أن لا يستر عدوك مكان في الحرب عنك وأنت الزمت نفسك هذا تريد أن تظفر بهم إذا استتروا عنك في الهرب وأن لا يسترهم مكان.
أكلما رمت جيشاً فانثني هربا ... تصرفت بك في آثاره الهممُ
يقول متى ما هزمت جيشا حملتك همتك على اقتفائهم وأقتفاء آثارهم وهذا استفهام انكار أي لا تفعل هذا
عليك هزمهم في كل معتركٍ ... وما عليك بهم عارٌ إذا انهزموا
يقول عليك أن تهزمهم أن التقوا معك في ملتقى الحرب ولا عار عليك إذا انهزموا فتحصنوا بالهرب ولم تظفر بهم.
أما ترى ظفراً حلواً سوى ظفرٍ ... تصافحت فيه بيض الهند واللممُ
يقول لا يحلو لك الظفر إلا إذا ضربت رؤسهم بالسيف والتقت سيوفك مع شعورهم
يا أعدل الناس إلا في معاملتي ... فيك الخاصم وأنت الخصم والحكم
يقول أنت أعدل الناس إلا إذا عاملتني فإنك لست بعدلٍ عليّ وخصامي وقع فيك وأنت الخصام الحاكم يريد أنك ملك لا أحاكمك إلى غيرك لأن الخصام وقع فيك.
أعيذها نظراتٍ منك صادقةً ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورمُ
الهاء في أعيذها راجعة إلى النظرات وأجاز مثله الأخفش لأنه أجاز في قوله تعالى فإنها لا تعمى الأبصار أن تكون الهاء عائدةً على الأبصار وغيره ن النحويين يقولون أنها اضمار على شريطة التفسير كأنه فسر الهاء بالنظرات والمعنى أنك إذا نظرت إلى شيء عرفته على ما هو فنظراتك صادقة تصدقك ولا تغلط فيما تراه فلا تحسب الورم شحما وهذا مثل يقول لا تظنن كل شاعر شاعرا.
وما انتفاع أخي الدنيا بناظرهِ ... إذا استوت عنده الأنوار والظلمُ
إذا لم يميز الإنسان البصير بين النور والظلمة فأي نفعٍ له في بصره أي يجب أن تميز بيني وبين غيري ممن لم يبلغ درجتي كما تميز بين النور والظلمة.
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صممُ
يقول الأعمى على فساد حاسة بصره أبصر أدبي وكذلك الأصم سمع شعري يعني أن شعره اشتهر وسار في البلاد حتى تحقق عند الأعمى والصم أدبه وكان الأعمى رآه لتحققه عنده وكان الأصم سمعه.
أنام ملء جفوني عن شواردها ... ويسهر الخلق جراها ويختصمُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 242