اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 204
يقول ملأت كل عين ببهائك وهيبتك وكنت خير سيف لخير دولة يعني دولة الإسلام.
فما تكشفك الأعداء عن مللٍ ... من الحروب ولا الآراء عن زللِ
يقول لا تمل الحروب وإن كانت فالأعداء والأيام لا تقدر على أن تظهر لك مللا وكذلك الآراء لا تبدي لك زللا فلا تزل في رأي ولا تمل من حرب
وكم رجالٍ بلا أرضٍ لكثرتهم ... تركت جمعهم أرضاً بلا رجلِ
أي كم عدد كثير من أعداءك تضيق الأرض عنهم بكثرتهم وقد أفنيتهم وأهلكتهم حتى أخليت أرضهم فبقيت بلا رجل.
ما زال طرفك يجري في دمائهم ... حتى مشى بك مشى الشارب الثملِ
ما زلت تخوض دمائهم بفرسك حتى تعثر بالقتلى فمشى بك مشيّ الثمل السكران متعثرا أي حركه الدم بكثرته وأماله عن سنن جريه وكأن مشيه مشى السكران.
يا من يسير وحكم الناظرين له ... فيما يراه وحكم القلب في الجذلِ
يعني أنه ملك لا يرد عن شيء فما حكم ناظره به فهو له أي ما شاء مما يراه أخذه ولقلبه ما يحكم به من الجذل والحكم ههنا اسم للمفعول لا للفعل فإن الناس مستوون في افعال نواظرهم وإنما يختلفون في المحكوم به يقول ما حكم به ناظرك استحسانا فهو لك لا يعارضك فيه منع وكذلك حكم قلبك فيما يسر به.
إن السعادة فيما أنت فاعلهُ ... وفقت مرتحلاً أو غير مرتحلِ
أي السعادة موافقة لفعلك فإن ارتحلت أو أقمت كان ذلك حكم السعادة.
أجر الجياد على ما كنت مجريها ... وخذ بنفسك في أخلاقك الأولِ
يقول عاود القتال ودع رسم السلم وأجر خيلك على ما كنت تجريها من قصدك الأعداء والسير إليهم وخذ نفسك بما عودتها من أخلاقك الأولى يريد كنت تقاتل الأعداء ولا تهادنهم فكن على ما كنت عليه.
فلا هجمت بها إلا على ظفرٍ ... ولا وصلت بها إلا إلى أملِ
هذا دعاء يقول لا هجمت بخيلك إلا على ظفر بعدوك ولا أوصلتها إلا إلى ما تؤمله من الغنيمة والظفر.
وقال يمدحه وقد سأله المسير معه في هذا الطريق.
سر حلَّ حيث تحلهُ النوارُ ... وأراد فيك مرادك المقدارُ
يقول سقى الله مراحلك فينبت بها النور وجعل نبات النور كناية عن السقى يقول توجه إلى مسيرك ثم دعا له فقال حل النوار حيث تحله ويجوز أن يريد أنك نوار المكان الذي تنزله فحيث ما تنزل النوار والقضاء يريد ما تريد أي كان القضاء موافقا لك فيما تريد.
وإذا ارتحلت فشيعتك سلامةٌ ... حيث اتجهت وديمةٌ مدرارُ
يقول كانت السلامة مشيعةً لك في ارتحالك حيث ما توجهت وكذلك المطر ينبت لك النبت فتخصب بالمطر والنبات.
وأراك دهرك ما تحاول في العدى ... حتى كأن صروفه أنصارُ
أي أراك الزمان ما تطلبه في أعدائك من الظفر بهم حتى كان صروفه اعوانٌ لك على ما تريد.
وصدرت أغنم صادرٍ عن موردٍ ... مرفوعةً لقدومك الأبصارِ
أي كنت أغنم صادر عن مورد عن مكانٍ ورده والأبصار ممدودة إلى قدومك يعني أن من خلفتهم يشتاقون إليك فيتطلعون نحوك.
أنت الذي بجح الزمان بذكرهِ ... وتزينت بحديثه الأسمارُ
أي يسر الزمان إذا ما ذكرت في جملة أهله وابنائه وتحسنُ الأسمار بحديثك.
وإذا تنكر فالفناء عقابهُ ... وإذا عفا فعطاؤه الأعمارُ
إذا غضب وتغير عن الرضا عاقب بالهلاك والفناء وإذا عاد إلى العفو ترك القتل فكانت الأعمار عطاءه.
وله وإن هب الملوك مواهبٌ ... در الملوك لدرها أغبارُ
الأغبار جمع غبر وهي بقية اللبن في الضرع يقول عطاياه بالقياس إلى عطايا الملوك كقياس اللبن الكثير إلى اللبن القليل.
لله قلبك ما يخاف من الردى ... ويخاف أن يدنو إليك العارُ
لله قلبك تعجبٌ من قلبه حين لم يكن قلبٌ على ما هو عليه وإنما صار هذا اللفظ للتعجب في قولهم لله أنت إشارةً إلى أن مثله لا يقدر على خلقه غير الله كما يقال للامر العجب هذا إلهي وإن كانت كل الأمور إلهية ثم قال ما يخاف الهلاك ويخاف العار أي لا تتوقى في المهالك وتوقى إن يدانيك شيء مما فيه عارٌ.
وتحيد عن طبع الخلائق كلهِّ ... ويحيد عنك الجحفل الجرارُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 204