اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 197
سقى مثواك غادٍ في الغوادي ... نظير نوال كفك في النوالِ
مثواها حفرتها التي أقامت بها والغادي السحاب يغدو بالمطر سأل لها سقيا يشبه عطاءها من سحابٍ يشبه كفها.
لساحيه على الأجداث حفش ... كأيدي الخيل أبصرت المخالي
الساحي القاشر يقشر الأرض بشدة انصبابه والأجداث القبور قال أبو زيد يقال حفشت السماء تحفش حفشا إذا جادت بالمطر وقال ابن الأعرابي حفشت الأودية إذا سالت كلها وقد بالغ في وصف المطر حيث جعله في الحاحه على الأرض بالقشر كأيدي الخيل إذ رأت مخالي الشعير فإنها تنشط وتحفر الأرض بقوائمها وليس هذا من مختار الكلام ولا من المستحسن أني سأل السقيا لقبر بمطرٍ يحفره حفر أيدي الخيل قال ابن جنى الغرض في الدعاء للقبور بالغيث الانبات وما يدعو الناس إلى الحلول والإقامة به وهو مذهب العرب ألا ترى إلى قول النابغة، ولا زال قبر بين بصرى وجاسمٍ، عليه من الوسمي سح ووابل، فينبت حوذابا وعوفا منورا، سأتبعه من خير ما قال قائل، وكلما اشتد المطر كان أجم لنباته ومراع له.
أسائل عنك بعدك كل مجد ... وما عهدي بمجد عنك خالي
يقول لم أر مجدا خاليا منك أيام حياتك فأنا بعد وفاتك أسأل عنك كل مجد لأنك كنت صاحبته الملازمة له فأنا أطلبك منه كما يطلب الإنسان ممن طالت صحبته معه.
يمر بقبرك العافي فيبكي ... ويشغله البكاء عن السؤال
يقول إذا مر بقبرك السائل بكى وشغله البكاء عن المسألة وهذا منقول من قول البحتري، فلم يدر رسم الدار كيف يجيبنا، ولا نحن من فرط البكا كيف نسأل،
وما أهداك للجدوى عليه ... لو أنك تقدرين على فعالِ
يعني أن الموت حال بينها وبين العطاء ولولا ذلك لكانت تعطى وإن لم يسأل العافي
بعيشك هل سلوت فإن قلبي ... وإن جانبت أرضك غير سالي
يقسم عليها بحياتها فيقول لها هل سلوت عن حب النوال فإن قلبي وإن بعدت عنك غير سالٍ من نواك.
نزلت على الكراهة في مكانٍ ... بعدت على النعامي والشمالِ
النعامي أسم للجنوب سميت بذلك للينها ونعمتها في الهبوب يقول نزلت على كراهتنا لنزولك في مكان لا يصيبك فيه نسيم الرياح.
تحجب عنك رائحة الخزامى ... وتمنع منك أنداء الطلال
الخزامى نبت طيب والطلال جمع الطل وهو المطر يقول روائح الأزهار محجوبة عنك لا تصيبك وكذلك ندى الأمطار لأن المقبور ممنوع من هذه الأشياء التي ذكرها
بدارٍ كل ساكنها غريب ... طويل الهجر منبت الحبال
يعني بالدار القبر والمقبرة ومن سكنها فقد بعد عن أهله وعشيرته وطال هجره أياهم وانقطع وصاله عنهم.
حصان مثل ماء المزن فيه ... كتوم السر صادقة المقالِ
يقول في ذلك المكان امرأة عفيفة مثل ماء المزن في النقاء والطهارة كاتمة السر صادقة في القول.
يعللها نطاسي الشكايا ... وواحدها نطاسي المعالي
النطاسي الطبيب الحاذق في الأمور ويريد بواحدها ابنها الذي هو واحد الناس يقول يمرضها ويزيل علتها طبيب الأمراض يعني قبل موتها وابنها طبيب المعالي أي العالم بأدواء المعالي فيزيلها عنها حتى تصح معاليه فلا يكون فيها نقصان ولا عيب.
إذا وصفوا له داء بثغرٍ ... سقاه أسنة الأسل الطوال
جعل انتقاض الثغر عليه بمنزلة الداء ولما استعار لذلك اسم الداء استعار لنفي ذلك الداء عنه بالرماح السقي لتجانس الكلام يقول إذا ذكروا له انتقاض ثغر من ثغور المسلمين لغلبة الكفار نفاهم عنه برماحه الطويلة وهذا مأخوذ من قول ليلى الأخيلية، إذا هبط الحجاج أرضاً مريضةً، تتبع أقصى دائها فشفاها، شفاها من الداء العضال الذي بها، غلام إذا هز القناة سقاها، وقد قال أبو تمام، وقد نكس الثغر فأبعث له، صدور القنا في ابتغاء الشفاء،
وليست كالإناث ولا اللواتي ... تعد لها القبور من الحجال
يقول لم تكن هذه المرأة يعد لها القبر سترا عنها أي كانت متسترة قبل أن سترت بالقبر
ولا من في جنازتها تجارٌ ... يكون وداعها نفض النعال
أي ولم تكن من نساء السوقة يتبع جنازتها تجار وباعةٌ ينفضون النعال من التراب إذا انصرفوا عن القبر أي كانت ملكة
مشى الأمراء حوليها حفاةً ... كأن المرو من زف الرئال
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 197