اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 175
يعني باللئام آباءه يقول لولا ما بينه وبينهم من المشابهة لكان الأم طفل وفي هذا تسويةٌ بينهم وبينه في اللوم
كلام أكثر من تلقى ومنظره ... مما يشق على الآذان والحدق
يجوز أن يريد بالمنظر الوجه ويجوز أن يكون مصدرا مضافا إلى المفعول يريد النظر إليه أي أكثر من تلقى من الناس يشق على الآذان استماع كلامه لأنه لا يقول سديدا وعلى الاحداق النظر إليه لما ينطوي عليه من الغل والخيانة وأبطان غير الجميل.
ونزل على عليّ ابن عسكر ببعلبك فخلع عليه فقال يستأذنه
روينا يا ابن عسكرٍ الهماما ... ولم يترك نداك بنا هياما
وصار أحب ما تهدي إلينا ... لغير قلي وداعك والسلاما
يقول قد استغنينا عن الهدايا وردنا الارتحال فأحب ما تهديه إلينا أن نودعك ونسلم عليك
ولم نملل تفقدك الموالي ... ولم نذمم أياديك الجساما
يقول لسنا نرتحل عنك لملال أو لأنا ذممنا أنعامك علينا
ولكن الغيوث إذا توالت ... بأرض مسافرٍ كرهَ الغماما
هذا يحتمل معنيين احدهما أن المسافر إذا كثر عليه المطر مل مقامه واحتباسه لأجل المطر كذلك نحن عطاياك تأتينا وأنت قيدتنا بإحسانك وإنا مسافر أريد الأرتحال ولولا إني على سفرٍ لم أملل نعمتك والمطر يسأله كل أحد إلا المسافر والآخر إن المسافر إذا كثرت الأمطار بالأرض التي فيها وطنه اشتاق إلى وطنه وكره المقام بأرض السفر كذلك نحن قد أحسنت إلينا كل الإحسان فنحن نشتاق أن نأتي الوطن ونسرع الأرتحال والأول أظهر وهذا الوجه الثاني ذكره ابن دوست وليس بظاهر.
وقال في قصيدة قالها وهو صبي
سيف الصدود على أعلى مقلده
ولم يحفظ المصراع الثاني وتكلف الناس له زيادة مصراع فقال بعضهم، بكف أهيف ذي مطلٍ بموعده، وقال الآخر، يفري طلى وأمقيه في تجرده، وقال الآخر، ومجلس العز منه فوق مقعده، والمعنى أنه يقتل بصدوده فكأنه قد تقلد بسيف من الصدود والمقلد العنق لأنه موضع القلادة.
ما أهتز منه على عضو ليبتره ... إلا اتقاه بترسٍ من تجلدهِ
أي لم يهتز هذا السيف على عضو من أعضاء العاشق ليقطعه إلا استقبله بتجلده وتصبره والمعنى أنه كلما قصده بالصدود عارضه بالصبر.
ذم الزمان إليه من أحبته ... ما ذم من بدره في حمد أحمده
تهوس ابن جنى في هذا البيت وأتى بكلام كثير لافائدة فيه فيه ومعنى البيت إن الزمان ذم إلى المتنبي من أحبة المتنبي لأنهم يحيفونه ما ذم الزمان من بدره القمر في حمد أحمده يعني الممدوح والمعنى أن البدر مذموم بالإضافة إلى هذا الممدوح أي إن البدر على بهائه وحسنه دون أحمد هذا.
شمس إذا الشمس لاقته على فرسٍ ... تردد النور فيها من تردده
أي إذا رأته الشمس وهو يجول في ميدانه على الفرس مترددا تردد نوره في جسم الشمس لأنه أضوء منها فالشمس تستفيد منهالنور وهذا كقوله أيضا، تكسب الشمس منك النور طالعةً، البيت.
إن يقبح الحسن إلا عند طلعته ... فالعبد يقبح إلا عند سيده
أي هو مولى الحسن والحسن في كل أحد قبيح إلا في طلعته كالعبد لا يحسن عند كل أحد حسنه عند مولاه
قالت عن الرفد طب نفسا فقلت لها ... لا يصدر الحر إلا بعد مورده
قالت العاذلة لا تطلب العطاء فإنه غير مبذول فقلت لها إن الحر إذا قصد أمرا لم ينصرف عنه إلا بعد الوصول إليه أي لا بد لي من بلوغ إلى ما اطلبه ومعنى طب نفسا أي دعه ولا تطلبه
لم أعرف الخير إلا مذ عرفت فتى ... لم يولد الجود إلا عند مولده
نفس تصغر نفس الدهر من كبرٍ ... لها نهى كهله في سن أمرده
يقول نفسه في عظمها وكبرها تصغر نفس الدهر التي هي مجمع والشر والضمير في الكهل والأمرد يعود إلى الدهر.
وقال يمدح أبا العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان
أتراها لكثرة العشاقِ ... تحسب الدمع خلقةً في المآقي
يقول لصاحبه اتظنها لكثرة ما ترى الدمع في مآقي عشاقها تتوهم أنه خلقة فيها فلا ترثي لمن يبكي وهو قوله
كيف ترثي التي ترى كل جفن ... راءها غير جفنها غير راقى
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 175