اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 161
أي جعلت سيوفهم هذا المكاان حمًى على الأعداء فلا يحومون حوله وترك صرف طغج وجف وذلك يجوز عند الكوفيين وعند البصريين إذا سمي باعجميٍّ ثلاثيٍّ انصرف نحو هودٍ ولوط ونوح والأجود أن يكسرهما جميعا ويحذف التنوين منهما لالتقاء الساكنين كما يقال حاتم الطاءي وهاب المئي وهو كثير في الشعر والكلام ومنه قراءةً من قرأ عزير بن الله بغير تنوين وهذا احسن من تلك الصرف فيهما وهو طغج بضم الغين ولكنه غير لأن العرب إذا نطقت بالأعجمية اجترأت على تغييرها كيف شاءت.
هم المحسنون الكر في حومة الوغى ... وأحسن منه كرهم في المكارم
يريد أنهم يكرون في الحرب على اعدائهم كذلك يعودون في المكارم فيضعفونها ولا يقصرون في الأمرين على مرة واحدة.
وهم يحسنون العفو عن كل مذنبٍ ... ويحتملون الغرم عن كل غارمِ
حييون إلا أنهم في نزالهم ... أقل حياء من شفار الصوارمِ
يعني أنهم لا حياء عندهم في الحرب فهم فيها صفاق الوجوه لا يلينون لأقرانهم.
ولولا احتقار الأسد شبهتها بهم ... ولكنها معدودةٌ في البهائم
سرى النوم عني في سراي إلى الذي ... صنائعه تسري إلى كل نائم
إلى مطلق الأسرى ومختوم العدي ... ومشكى ذوي الشكوى ورغم المراغم
يعني أنه يمكن على الاسرى فيطلقهم من الإسار ويختطف الأعداء في الحرب بسيوفه واسنته ويزيل شكوى ذويها بالإحسان إليهم.
كريم نفضت الناس لما بلغته ... كأنهم ما جف من زاد قادمِ
يقول نفضت الناس لما بلغته نفض القادم حثالة زاده لاستغنائه عنها بعد القدوم وكذلك انا استغنيت به عن غيره.
وكاد سروري لا يفي بندامتي ... على تركهِ في عمري المتقادمِ
وفارقت شر الأرض أهلا وتربةً ... بها علويٌّ جده غير هاشمِ
بلى الله حساد الأمير بحلمه ... وأجلسه منهم مكان العمائمِ
يقول ابتلاهم الله بحلمه حتى لا يقتلهم ورفعه فوقهم حتى يكون منهم مكان عمائمهم ثم ذكر تمام المعنى فقال:
فإن لهم في سرعة الموت راحةً ... وإن لهم في العيش حز الغلاصمِ
كأنك ما جاودت من بان جوده ... عليك ولا قاتلت من لم تقاومِ
هذا تعريض بالذين يبارون الممدوح في الجود والشجاعة من حساده يقول أيها الإنسان الذي تباريه في الجود ويظهر عليك جوده كأنك ما جاودته لأن الفضل والغلبة له عليك وكأنك لم تقاتل من لم تقاومه في الحرب لأن من غلبك في الحرب لم ينفعك محاربتك إياه والمعنى أن مفاخرتهم إياه لا تنفعهم إذا كانت الغلبة له.
وسأله أبو محمد الشرب فامتنع فقال له بحقي عليك
سقاني الخمر قولك لي بحقي ... وود لم تشبه لي بمذق
يميناً لو حلفت وأنت تأتي ... على قتلي بها لضربت عنقي
وروى ابن جنى وأنت ناء أي وإن كنت بعيداً وحلفت حلفا تريد به قتلي لفعلت ذلك ثم أخذ الكاس وقال
حييت من قسمٍ وأفدى المقسما ... أمسى الأنام له مجلا معظما
وإذا طلبت رضا الأمير بشربها ... وأخذتها فلقد تركت الأحرما
يقول شربها حرام وعصيانك حرام وأنا تركت عصيانك فإنه احرم من شرب الخمر وغنى مغنٍّ فقال يخاطب أبا محمد
ماذا يقول الذي يغني ... يا خير من تحت ذي السماء
شغلت قلبي بلحظ عيني ... إليك عن حسن ذا الغناءِ
وعرض عليه سيفا فاشار به إلى بعض من حضر فقال
أرى مرهفا مدهش الصيقلين ... وبابة كلِّ غلامٍ عتا
يريد سيفا رققت شفرتاه يدهش الصيقل لجوهره وهو آلة كل طاغٍ عاتٍ
أتأذن لي ولك السابقاتُ ... أجربه لك في ذا الفتى
يريد ولك الأيادي السابقة وأراد الأنصراف فقال
يقاتلني عليك الليل جدا ... ومنصرفي له أمضى السلاحِ
الليل يقول انصرف وهو يميل إلى الأمير وإلى مجلسه ويعصيه فقد حصل التنازع فجعل ذلك قتالا ثم قال وإذا انصرفت فقد اعنته على نفسي ويجوز أن يكون المعنى إن الليل برده ندماءه وتفريقه جلساءه يتوسل إلى الخلو به فانصرافي امضى سلاح له واعون على مراده
لأني كلما فارقت طرفي ... بعيد بين جفني والصباح
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 161