اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 159
قال ابن جنى قوله فجاوزاو كما تقول هذا الدرهم يجوز على خبث نقده أي يتسمح به أي فغايتهم أن لايذموا فأما أن يحمدوا فلا قال أبو الفضل العروضي قضيت العجب ممن يخفى عليه هذا ثم يدعي أنه أحكم سماع تفسير شعره منه وإنما يقول الناس مني استفادوا كل شعرٍ غريبٍ وكلامٍ بارعٍ ثم رجع إلى الخطاب فقال فجازوني على فوائدي بترك الذم إن لم تحمدوني عليها قال ابن فورجة كذا يتحمل للمحال من كل محفاره عن انباط الصحيح وما يصنع بهذا البيت على حسنه وكونه مثلا سائرا إذا كان تفسيره ما قد زعم ولقد تعجبت من مثل فضله أن سقط به على مثل هذه الرذيلة وإنما قوله فجازوا أمر من المجازاة يقول مني استفدتم كل غريبة فإن لم تحمدوني عليها فجازوني بترك المذمة.
وجدت عليا وابنه خير قومهِ ... وهم خير قومٍ واستوى الحر والعبدُ
عليٌّ أبو الممدوح وابنه الحسين يقول هما خير قوم عليّ الذي ينتسب إليهم وهم خير قوم من الناس ثم بعد هؤلاء يستوي الأحرار والعبيد فلا يكون لأحد على غيره فضل وهذا كقول أبي تمام، متواطئو عقبيك في طلب العلا، والمجد ثمت تستوي الأقدام، وكقول البحتري، جزت العلي سبقا وصلى ثانيا، ثم استوت من بعده الأقدام، وكرر أبو الطيب هذا المعنى فقال، حتى يشار إليك ذا مولاهم، البيت.
وأصبح شعري منهما في مكانهِ ... وفي عنق الحسناء يستحسن العقدُ
أي في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه لأنهما أهل أن يمدحا به فزاد حسنه كما أن العقد إذا حصل في عنق الحسناء ازاداد حسنه وهذا كقوله أيضا، وقد أطال ثناءي طول لابسه، إن الثناء على التنبال تنبالُ.
وقال يمدح أبا محمد الحسن بن عبد الله بن طغج.
أنا لائمي إن كنتُ وقت اللوائمِ ... علمت بما بي بين تلك المعالمِ
يعني بالمعالم ديار الاحبة وهي حيث ظهرت علامات النازلين به من آثار النار والدواب والخيام وحين وقف عليها اصابه من الدهش والوجد لفرقتهم ما اذهب عقله حتى لم يشعر بما يجري عليه من الجزع والبكاء يقول إن كنت حين تلومني اللوائم على فرط جزعي علمت ما بي وما الذي دهاني هناك فأنا لائمي أي قد لمت نفسي في قصور محبتي لأن ثبات علمي وعقلي معي في ديارهم بعد ارتحالهم دليل على أن هواي قاصر ويجوز أن يكون المعنى أنا لائمي في الخسر والنقصان أو في السلوان إن علمت ما يجري عليّ وهذا اختيار ابن جنى لأنه قال هذا كقولك أنا مثلكإن فعلت كذا قال ونظيره قوله، عيون رواحلي إن حرتُ عيني، وكل بغام رازحةٍ بغامي.
ولكنني مما شدهت متيمٌ ... كسالٍ وقلبي بائح مثل كاتمِ
شده الرجل فهو مشدوه إذا تحير والمعنى ولكنني متيم كسالٍ مما ذهلت أي افرط ذهولي حتى كأني ذهلت عن الهوى فصرت كالسالي وقلبي بائح يبوح بما فيه من الوجد وهو مع ذلك كالكاتم لأنه لم يقصد البوح.
وقفنا كأنا كل وجد قلوبنا ... تمكن من أذوادنا في القوائم
أي أطلنا الوقوف هناك فكان ما في قلوبنا من الحيرة والوجد كان في قوائم إبلنا لأنها وقفت فلم تبرح.
ودسنا بأخفاف المطي ترابها ... فلا زلت استشفي بلثم المناسمِ
المنسم للخف بمنزلة السنبك للحافر يقول الثم مناسم أبلى اطلب بذلك شفاء ما بي لأنها وطئت تراب منازلهم.
ديار اللواتي دارهن عزيزةٌ ... بطول القنا يحفظن لا بالتمائمِ
أي ديارهن منيعةٌ لا يتوصل إليها وهن يحفظن بالرماح لا بالتعاويذ.
حسان التثني ينقش الوشى مثله ... إذا مسن في اجسامهن النواعمِ
أي لنعمة جلودهن يؤثر الوشي فيها مثل نقوشه إذا مشين متبختراتٍ كما قال السريّ، رقت عن الوشي نعمة فإذا، صافح منها الجسوم وشاها،
ويبسمن عن جر تقلدن مثله ... كأن التراقي وشحت بالمباسمِ
يريد أن ثغورهن في الصفاء وحسن النظم كالدر الذي تقلدنه فكان تراقيهن حليت بثورهن.
فما لي وللدنيا طلابي نجومها ... ومسعاي منها في شدوق الأراقم
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 159