اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 158
صيام واقفة من قولهم صام الفرس إذا وقف يقول خيلهم قائمة عندهم وهي كأنها تعدو في قلوب اعدائهم لشدة خوفهم والمعنى أنهم مخوفون وإن لم يقصدوا أحدا
وأنفسهم مبذولة لوفودهم ... وأموالهم في دار من لم يفد وفدُ
أي أنهم غير مجوبين عمن يقصدهم من الوفود واموالهم ترد على من لم يأتهم لأنهم يبعثونها إليهم.
كأن عطيات الحسين عساكر ... ففيها العبدي والمطهمة الجردُ
العبدي مما يجمع عليه العبد يقول أن فيما يعطيه عبيدا وخيلا حسانا فكان عطاءه عساكر
أرى القمر ابن الشمس قد لبس العلي ... رويدك حتى يلبس الشعر الخد
جعله قمرا وأباه شمسا يريد رفعتهما وشهرتهما يقول قد لبس العلي ثوبا ثم قال له تلبث وتمهل حتى تبلغ الرجولية.
وغال فضول الدرع من جنباتها ... على بدنٍ قد القناة له قدُّ
غالها أي ذهب بها أي رفعها من الأرض يقول قد استوفى بقده طول الدرع من جميع جوانبها وفيه اشارة إلى أنه طويل القامة وليس بأقعس ولا أحدب لأنهما لا يرفعانها من جميع الجوانب.
وباشر ابكار المكارم أمرداً ... وكان ندا آباؤه وهم مرد
يقول استعمل المكارم وتخلق بها في حال مرودته وكذلك آباؤه كانوا يفعلون ذلك قبل التحائهم.
مدحت أباه قبله فشفى يدي ... من العدم من تشفى به الأعين الرمدُ
جعل العدم كالداء الذي يطلب منه الشفاء وجعلال الممدوح يشفي الأعين الرمد بحسنه وجماله كما قال ابن الرومي، يا رمد العين قم قبالته، فداو باللحظ نحوه رمدك،
حباني بأثمان السوابق دونها ... مخافة سيري أنها للنوى جندُ
أي اعطاني الدراهم والدنانير التي تكون اثمان الخيل السوابق ولم يعطني الخيل مخافة أن أسير عليها فافارقه لأن الخيل بجريها تعين الرجل على السفر والبعد فهي من اسباب الفراق وأعوانه.
وشهوة عود إن جود يمينه ... ثناء ثناءٌ والجواد بها فردُ
شهوة معطوفة على مخافة أي وشهوة معاودةٍ منه للبر أي إشتهى أن يعود لي في العطاء لن جوده مثنى وإن كان هو فرداً لا نظير له والضمير في بهاء للأثمان أو لقوله ثناء ثناءٌ لأنها جملة.
فلا زلت ألقي الحاسدين بمثلها ... وفي يدهم غيظ وفي يدي الرفدُ
بمثلها بمثل عطاياه وهي مذكورة في قوله ثناء ثناءٌ واوقع الواحد موقع الجمع في قوله وفي يدهم غيظ.
وعندي قباطي الهمام وماله ... وعندهم مما ظفرت به الجحدُ
القباطي ثياب بيض تحمل من مصر واحدها قبطية ومنه قول زهير، كما دنس القبطية الودك، قوله وعندهم مما ظفرت به الجحد قال ابن جنى هذا دعاء عليهم بأن لا يزرقوا شيئا حتى إذا قيل لهم هل عندكم خير أو بر من هذا الممدوح قالوا لا فذلك هو الجحد وليس كما قال بل هذا تمحل والمعنى أنهم يجحدون وينكرون ما أعطانيه يقولون لم يعطه ولم ينل جميع ما يدعى أي فلا زال الأمر على هذا آخذ وهم يقولون لم يأخذ.
يرومون شأوى في الكلام وإنما ... يحاكي الفتى في ما خلا المنطق القردُ
يقول هؤلاء المتشاعرون يتكلفون أن يبلغوا غايتي في الشعر فلا يقدرون كالقرد الذي يحكي ابن آدم في أفعاله ما خلا المنطق فإنه لا يقدر أن يحكيه في ذلك كذلك هؤلاء هم قرود لا يمكنهم أن يتكلموا بمثل كلامي.
فهم في جموع لا يراها ابن دأيةٍ ... وهم في ضجيجٍ لا يحس به الخلد
ابن دأية هو الغراب يقع على دأية البعير الدبر فينقرها ومنه قول الشاعر، إن ابن دأيةَ بالفراق لمولعٌ، وبما كرهت لدائمُ التنعاب، والعرب تصفه بحدة النظر والخلد جنس من الفار أعمى موصوف بحدة السمع يقول جموعهم قليلة لا يبصرها الغراب مع حدة بصره ولا يسمعها الفار مع حدة سمعه يعني أنهم لقلتهم وحقارتهم كلا شيءٍ.
ومني استفاد الناس كل غريبةٍ ... فجازوا بترك الذم إن لم يكن حمدُ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 158