اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 148
شبه الفجر بحبيبٍ قد طلب أن يزور وهو يراعي من ظلمة الليل رقيبا وتتأخر زيارته من خوف الرقيب يريد طول الليل وأن الفجر ليس يطلع فكأنه حبيب يخاف رقيبا.
كان نجومه حليٌّ عليه ... وقد حذيت قوائمه الجبوبا
شبه النجوم الثاقبة بحليّ على الليل وجعل وجه الأرض كالحذاء لليل يقول كان الأرض جعلت نعلا له فهو لا يقدر على المشي لثقل الأرض على قوائمه يقول كان لليل من النجوم حليا ومن الأرض قيدا
كأن الجو قاسى ما أقاسي ... فصار سواده فيه شحوبا
يقول كأن الهواء قد كابد ما أكابده من طول الوجد فاسود لونه وصار سواده كالشحوب وهو تغير اللون أي كأن الليل اسود لأنه دفع إلى ما دفعت إليه فصار السواد له بمنزلة الشحوب.
كأن دجاه يجذبها سهادي ... فليس تغيب إلا أن يغيبا
الدجى جمع دجية يريد طول ظلمة الليل وطول سهاده فكأن السهاد يجذب الدجى فليس تغيب الدجى إلا أن يغيب السهر والسهر ليس يغيب فكذلك ظلمة الليل.
أقلب فيه أجفاني كأني ... أعد بها على الدهر الدنوبا
أي لكثرة تقليبي إياها كأني أعد على الدهر ذنوبه أي كما أن ذنوب الدهر كثيرة لا تفنيى كذلك تقليبني لأجفاني كثير لا يفنى فلا نوم هناك.
وما ليل بأطول من نهار ... يظل بلحظ حسادي مشوبا
يقول ليلى وإن طال فليس بأطول من نهار أنظر فيه إلى حسادي واعداءي
وما موت بأبغض من حيوةٍ ... أرى لهم معي فيها نصيبا
يقول إذا شاركني أعدائي في الحياة وعاشوا كما أعيش ولم أقتلهم فالموت ليس بأبغض إليّ من تلك الحياة التي تخل من مشاركة الأعداء فيها
عرفت نوائب الحدثان حتى ... لو انتسبت لكنت لها نقيبا
أي لكثرة ما أصابتني النوائب صرت عارفا بها حتى لو كانت لها أنسابٌ لكنت نقيبها والنقيب للقوم هو الذي يعرف انسابهم ويقال انتسب الرجل إلى فلان إذا نسب نفسه إليه
ولما قلت الإبل امتطينا ... إلى ابنِ أبي سليمان الخطوبا
أي لما اعوزتنا الإبل وفقدناها لقلة ذات اليد أدتني المحن والشدائد إلى الممدوح فكأنها كانت مطايا لنا
مطايا لا تذل لمن عليها ... ولا يبغي لها أحد ركوبا
وترتع دون نبت الأرض فينا ... فما فارقتها إلا جديبا
يقول هذه المطايا يعني الحوادث لا ترعى نبات الأرض إنما ترعانا وتصيب منا فلم افارقها إلا مجدبا كالمكان الذي أكل نباته فصار جديبا والمعنى أنها رعتني فلم تترك مني ناميا
إلى ذي شيمةٍ شغفت فؤادي ... فلولاه لقلت بها النسيبا
شغفت فؤادي أي غلبت على عقله والوجه لولا هو كقوله تعالى فلولا أنتم ويجوز لولاه ولولاك يقول لولا أن خلق الممدوح احسن من خلقه لقلت النسيب بخلقه ويجوز أن يريد لولا أني احتشمه لقلت الغزل بشيمته.
تنازعني هواها كل نفسٍ ... وإن لم تشبه الرشأ الربيبا
يقول كل احد ينازعني عشق شيمته أي يعشقها عشقي لها وإن كانت لا تشبه الرشأ إنما هي خلق وطبع لا شخص لها.
عجيب في الزمان وما عجيب ... أتى من آل سيارٍ عجيبا
يقول هو عجيب في الزمان وليس بمنكر أن تأتي من آل سيار العجائب لأنهم النهاية في النجابة والكرم
وشيخ في الشباب وليس شيخاً ... سمي كل من بلغ المشيبا
يقول هو مع أنه شاب في حنكة الشيخ ورب إنسانٍ غيره بلغ المشيب ولم يستحق إن سمي شيخا لنقصه وتخلفه
قسا فالأسد تفزع من قواه ... ورق فنحن نفزغ أن يذوبا
يقول قسا قلبا بالأسود تخافه ورق طبعا وكرما فنحن نخاف أني يذوب يقال فلان يذوب طرفا إذا لأن جانبه وحسن خلقه والقوى جمع القوى وروى من يديه.
أشد من الرياح الهوج بطشاً ... وأسرع في الندى منها هبوبا
الهوج جمع الهوجاء وهي التي لا تستوي في هبوبها والبطش الأخذ بقوة يقول هو أشد عند البطش من الريح الشديدة العاصف وأسرع منها في العطاء
وقالوا ذاك أرمي من رأينا ... فقلت رأيتهم الغرض القريبا
أي قال الناس للممدوح أنه أرمى من رأيناه يرمي السهم فقلت رأيتموه وهو يرمي الغرض القريب منه يعني فكيف لو رأيتموه يرمي غرضنا بعيدا والغرض الهدف.
وهل يخطى بأسهمه الرمايا ... وما يخطى بما ظن الغيوبا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 148