اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 143
لمضاف ههنا مصدر بمعنى الإضافة يقول إذا أرادت الرجال السفر إليك سبقتها بإضافة أحوالها قبل إضافتك أياها وإنما يريد إقامة العذر للمرض الذي به وجميع الناس رووا سبقتها بالتاء قال ابن فورجة والصواب عندي سبقنها بالنون لن المعنى إذا نوت الرجال السفر إليك سبقت العلات الرجال فجاءتك قبلها ويصح سبقتها بالتاء على تمحل وهو إن يقال سبقت إضافتها أي إضافة حالاتها فيكون من باب حذف المضاف ويريد بالحالات حالات المرض الذي ذكر
ومنازل الحمى الجسوم فقل لنا ... ما عذرها في تركها خيراتها
يقول لا عذر للحمى في تركها جسمك إذا كان أفضل الجسوم ويقال حمى وحمة قال الشاعر، لعمري لقد بر الضباب بنوئه، وبعض البنين حمةٌ وسعال،
أعجبتها شرفاً فطال وقوفها ... لتأمل الأعضاء لا لآذاتها
يقول أعجبت الحمى بما رأت فيك من خصال الكرم والشرف فاقامت في بدنك لتتأمل اعضاءك المشتملة على تلك الخصال لا لتؤذيك والأذاة مصدر أذى يأذي أذى وأذاةً.
وبذلت ما عشقته نفسك كله ... حتى بذلت لهذه صحاتها
يقول كل ما احبته نفسك قد بذلته حتى بذلت لهذه العلة صحتك يريد أنه بذول يبذل كل شيء يحبه.
حق الكواكب أن تزورك من علو ... وتعودك الآساد من غاباتها
من علو من فوق يقول حقها أن تأتيك عائدةً لك لأنها شريكتك في العلو وكذلك الآساد لأنها تشبهك في الشجاعة.
والجن من ستراتها والوحش من ... فلواتها والطير من وكناتها
يريد أن جميع الأجناس من الحيوان تتألم لعلتك لعموم نفعك فلو قدرت على عيادتك لأتتك والوكنة اسم لكل وكر وعش وهي مواقع الطير.
ذكر الأنام لنا فكان قصيدةً ... كنت البديع الفرد من أبياتها
في الناس أمثلة تدور حيوتها ... كمماتها ومماتها كحيوتها
أمثلة جمع مثال يعني أنهم أشباه الناس وليسوا بناس ولا فصل بين حيوتهم وموتهم لأنه لا خير فيهم وتدور صفة الأمثلة ومعناه تنتقل من حالٍ إلى حالٍ.
هبت النكاح حذار نسلٍ مثلها ... حتى وفرت على النساء بناتها
خفت إن تزوجت أن يكون لي ولد مثل هؤلاء فتركت البنات موفورةً على الأمهات لم أتزوج واحدة منهنّ.
فاليوم صرت إلى الذي لو أنه ... ملك البرية لأستقل هباتها
أي لو كانوا مملوكين له ثم وهبهم لاستقل ذلك ومن روى وهب كان المعنى أنه لو عم البرايا بالعطاء لاستقلها.
مسترخصٌ نظرٌ إليه بما به ... نظرت وعثرة رجله بدياتها
يقول لو اشترت البرية نظرا إليها باعينها لكان رخيصا ولو فديت عثرة رجله بديات البرية لكان الفداء رخيصا أيضا يعني أن دية عثرته أكثر من ديات البرية ويروى وعثير رجله يعني أن غبار رجله لو اشترى بديات الورى لكان رخيصا.
وقال يمدح عليّ بن أحمد بن عامر الأنطاكي.
أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر ... وحيدا وما قولي كذا ومعي الصبر
أراد بالخيل الحوادث يقول أقاتل عسكرا الدهر أحد فوارسه والمعنى أني أقاتل الدهر واحداثه وحيدا لا ناصر لي ثم رجع عن هذا وقال لم أقول أني وحيد والصبر معي يريد مقاساته شدائد الدهر ونوائبه وصبره على ذلك.
وأشجع مني كل يومٍ سلامتي ... وما ثبتت إلا وفي نفسها أمرُ
يقول سلامتي في بقائها معي في هذه المطاعته أشجع مني وهذا مجاز والمعنى أني أسلم من هذه الحوادث فلا تصيب بدني ولا مهجتي بضرب ثم قال وما بقيت سلامتي معي إلا لأمم عظيم يظهر علي بدني.
تمرست بالآفات حتى تركتها ... تقول أمات الموت أم ذعر الذعرُ
يقول تحككت بالآفات من الأسفار والحروب حتى قالت الآفات أمات الموت حيث لا يصيب هذا المتمرس بي أم ذعر الذعر فلا يذعره وهذا مجاز والمعنى أن الآفات لو قدرت على النطق لقلت هذا القول لكثرة ما تراني أمارسها من غير خوفٍ يلحقني ولا هلاكٍ يصيبني.
وأقدمت أقدام الأتي كأن لي ... سوى مهجتي أو كان لي عندها وترُ
يقول أقدمت على الشدائد والأهوال إقدام السيل الذي لا يرده شيء كأن لي سوى مهجتي مهجة أخرى أن فاتتني مهجتي كانت لي بدلا أو كأن لي حقدا عند مهدتي فأنا أريد إهلاكها.
ذر النفس تأخذ وسعها قبل بينها ... فمفترق جارانِ دارهما العمر
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 143