اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 130
يقول إذا اختلط الأمران فاشتبها ظهر له رأيٌ يفصل بين ما لا يمكن الفصل بينهما وهو الماء واللبن
غض الشباب بعيدٌ فجر ليلته ... مجانب العين للفحشاء والوسن
في بعيد فجر ليلته وجهان احدهما أنه يسهر فيما يكسبه العلم والدين وليس ممن يقصر ليلته باللذات والثاني أنه أراد بالفجر بياض الشيب وبالليالي سواد الشباب والمعنى أن بياض الشيب بعيد منه لأنه شابٌّ طريٌّ الشباب وقوله مجانب العين للفحشاء والوسن أي عينه بعيدة عن النظر إلى ما لا يحل وعن النوم أيضا لطول سهره
شرابه النشح لا للري يطلبه ... وطعمه لقوام الجسم لا السمن
النشح الشرب القليل ومنه قول ذي الرمة، وقد نشحن فلا ريٌّ ولا هيم، والطعم الطعام يقول يشرب ويطعم القدر الذي يقيم به جسمه ليس يشرب للري ولا يأكل للسمن
القائل الصدق فيه ما يضر به ... والواحد الحالتين السر والعلن
أي يقول الحق والصدق وإن كان فيه ضرر عليه ولا يضر خلاف ما يظهر ريآءٌ
يقول عيي بالأمر إذا عجز عنه والساهي الغافل والذهن الفطن الذي يقول يفصل برأيه وعلمه الحكم الذي عجز عنه السابقون ويظهر حق الخصم الغافل من الخصم الذكيّ
أفعاله نسب لو لم يقل معها ... جدي الخصيب عرفنا العرق بالغصن
أي يعرف أنه من ولد الخصيب بما ظهر من افعاله حتى لو لم ينتسب إليه عرفنا ذلك كما يستدل بالغصن على الأصل والمعنى من قول بعضهم، وإذا جهلت من امرء أعراقه، وأصوله فانظر إلى ما يصنع، ومثله قول الطاءي، فروعٌ لا ترف عليك إلا، شهدت بها على طيب الأروم،
العارض الهتن ابن العارض الهتن اب ... ن العارض الهتن ابن العارضِ الهتنِ
العارض السحاب يعرض في جانب الهواء والهتن الكثير الصب مثل الهطل يقول هو ابن آباء اجواد كالسحاب
قد صرت أول الدنيا وآخرها ... آباؤه من مغار العلم في قرنِ
المغار الحبل الشديد الفتل والقرن الحبل قال ابن جنى هذا مثل ضربه أي قد ضبطوا العلم وقيدوا به الأحكام والشرائع ويكون التقدير على ما قال أول أحكام الدنيا أي الأحكام التي تكون في الدنيا وتجري فيها والمعنى أن آباءه كانوا علماء وقال ابن فورجة مدحهم برواية الحديث يعني أنهم ضابطون الأيام عارفون بالأخبار واظهر من القولين أنه مدحهم بكثرة التجارب والعلم بالدنيا يقول احاطوا علما باحوال الدنيا من أولها إلى آخرها ويدل على صحة هذا قوله
كأنهم ولدوا من قبل أن ولدوا ... وكان فهمهم أيام لم يكن
أي لعلمهم بالأمور وأحوال الدنيا كأنهم قد شاهدوا أولها فكانوا قبل أن كانوا لأنهم إذا علموا احوال الماضين فكأنهم كانوا معهم في عصرهم وكأن فهمهم كان موجودا في الأيام التي لم يكن فيها موجودا لأنهم فهموا ما كان في تلك الأيام
الخاطرين على أعدائهم أبداً ... من المحامد في أوقى من الجننِ
يقال خطر يخطر إذا مشى متبخترا خطرانا يقول يمرون على اعدائهم متبخترين وعليهم من المحاميد ما يقي اعراضهم الذم أكثر ما تقي الجنة السلاح
للناظرين إلى إقباله فرح ... يزيل ما بجباه القوم من غضن
الغضن واحد الغضون وهو تكسر الجلد يعني أنه يقبل على الزائرين اقبالا يفرحون به فيزول بذلك حزنهم وتشنج وجوههم والمسرور يكون بشا طلقا والمحزون يكون متزوي جلدة الوجه
كأن مال ابن عبد الله مغتر ... من راحتيه بأرض الروم واليمن
يريد أن عطاءه يوجد في كل موضع ويسافر إلى كل أحد وإن بعد عنه حتى كأنه يؤخذ من يده في أرض الروم واليمن أي عطاؤه بالأقاصي كعطائه بحيث هو والمعنى أن ماله يقرب من القاصي قربه من الداني
لم نفتقد بك من مزنٍ سوى لثقٍ ... ولا من البحر غير الريح والسفنِ
يقول لم نفقد بوجودك من السحاب سوى الوحل الذي يكون من مائه ولا من البحر غير الريح والسفن التي لا يمكن عبور البحر إلا بهما والمعنى أنه سحاب وبحر
ولا من الليث إلا قبح منظره ... ومن سواه سوى ما ليس بالحسنِ
يقول وجدنا بك كل شيء إلا ما كان قبيحا يعني أن جميع محاسن الدنيا مجتمعة فيه وجميع المقابح منفية عنه
منذ احتبيت بأنطاكية اعتدلت ... حتى كأن ذوي الأوتار في هدنِ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 130