اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 129
يستخبرون فلا أعطيهم خبري ... وما يطيش لهم سهم من الظنن
وخلةٍ في جليسٍ أتقيه بها ... كيما يرى أننا مثلان في الوهن
يقول رب خصلة في جليس لي استقبله بمثلها من نفسي أي اتخلق بمثلها كي يظنني مثله في ضعف الرأي كما قال الآخر، أحامقه حتى يقال سجيةٌ، ولو كان ذا عقلٍ لكنت أعاقله، وإنما يفعل ذلك لكي يستر نفسه وفضله فلا يحسده ويؤكد هذا قوله
وكلمةٍ في طريق خفتأعربها ... فيهتدي لي فلم أقدر على اللحن
أصل معنى اللحن العدول عن الظاهر إما خطأ وإما إلغازا وفطنة ويسمى الفطن لحنا ومنه الحديث ولعل بعضكم أن يكون الحن بحجته أي افطن لها يقول رب كلامٍ أردت ترك الإعراب فيه لئلا يهتدي إليّ ولا يطلع على أنني المتنبي فلم أقدر على ذلك يعني أنه مطبوع على الفصاحة لا يقدر أن يخالفها إلى الخطأ
قد هون الصبر عندي كل نازلةٍ ... ولين العزم حد المركب الخشن
يقول صبري جعل كل حادثة تنزل بي سهلة هينةً وعزمي ألان لي المركب الخشن يعني لا أشتكي النوازل بل أصبر عليها ولا استخشن الخطوب الصعبة لقوة عزمي إذا عزمت
كمن مخلصٍ على في خوض مهلكةٍ ... وقتلةٍ قرنت بالذم في الجبن
يقول كم خلاص وعلو لمن خاض المهالك وكم من قتل مع الذم للجبان يعني كثيرا ما يتخلص خائض المهالك مع ما يكسب من الرفعة وكثيرا ما يقتل الجبان مذموما
لايعجبن مضيماً حسن بزته ... وهل تروق دفينا جودة الكفن
المضيم المظلوم والبزة اللباس يقول لا ينبغي للمظلوم ان يعجب بحسن لباسه فإن الميت لا يعجب بحسن كفنه شبه المظلوم الذي لا يدفع الظلم عن نفسه بالميت وجعل ثوبه كالكفن
لله حالٌ أرجيها وتخلفني ... وأقتضي كونها دهري فيمطلني
يقال عند التعجب من الشيء لله هو والمعنى ههنا إن القادر على تمكيني من هذه الحال التي أرجوا بلوغها وهي تخلفني أي لا تصل إليّ ولا تنجز عدتي وأسال دهري وهو يمطلني هو الله تعالى
مدحت قوما وإن عشنا نظمت لهم ... قصائداً من إناثِ الخيلِ والحصن
مدح قوما بخلاء لا يستحقون المدح يقول ن عشت غزوتهم بخيل إناث وذكور والحصن جمع حصان وهو الفحل من الخيل وجعلها كالقصائد المؤلفة بدل القصائد التي ألفها في مدهم
تحت العجاحِ قوافيها مضمرةً ... إذا تنوشدن لم يدخلن في أذن
يقول قوافي هذه القصائد خيل مضمرة تحت العجاج وليست مما ينشد فيدخل الآذان
فلا أحارب مدفوعا على جدرٍ ... ولا أصالح مغروراً على دخن
مدفوعا حال له وكذلك مغرورا أي لست ممن يعتصم في الحرب بالأبنية والجدر وروى ابن جنى مرفوعا أي يرفع إلى الجدر فيحارب عليها أي لا أصالح إلا على بذل الرضاء والدخن الفساد والعداوة في القلب ومنه الحديث هدنة على دخن والمعنى لا أصالح أعداءي إذا غروني ونافقوني
مخيم الجمع بالبيداء يصهره ... حر الهواجر في صمٍ من الفتن
يقول إنا مخيم الجمع بالبيداء يعني عسكره قد نصبوا الخيام بالصراء يذيبهم حر الهواجر في فتن صم شديدة أو فتن لا يهتدي فيها كالحية الصماء التي لا تجيب الرافي
ألقى الكرام الأولى بادوا مكارمهم ... على الخصيبي عند الفرض والسننِ
يقول الكرام الذين هلكوا ورثوه مكارمهم فهو يستعملها عند ما يلزمه كالفريضة وعند ما لا يلزمه كالسنة
فهن في الحجر منه كلما عرضت ... له اليتامى بدا بالمجد والمنن
يقول فالمكارم في حجره يريبها ولكما عرضت له الإيتام بدا باستعمال المجد فمن عليهم واحسن إليهم وإنما ذكر اليتامى لأنه يمدح قاضيا والقضاة يتكلفون أمر الأيتام وأطال ابن فورجة الكلام في معنى البيتين وذلك أ، هـ قال يعني أن المكارم فقد راغبوها وكان لها منالكرام اباء فلما هلكوا اكفلوها هذا الممدوح لنه قاض والقضاة تكفل اليتامى فجعلوه كفيلها فهو يربيها مع سائر الأيتام غير أنه يؤثر المكارم بحسن التربية على سائر الأيتام وهذا معنى قوله كلما عرضت له اليتامى بدا بالمجد والمنن أراد بدا بالمكارم فأقام المجد والمنن مقامهما لأنها في معناها هذا كلامه وهو تكلف من لم يعرف المعنى
قاضٍ إذا التبس الأمران عنَّ له ... رأيٌ يخلص بين الماء واللبنِ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 129