اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 128
ولكني حسدت على حيوتي ... وما خير الحيوى بلا سرور
كنى بالحيوة عن السرور لأن الحيوة إذا خلت عن السرور لم تكن حيوةً والمعنى أنهم حسدوني على سروري وأنسي وأرادوا أن أكون محزونا أبداً وإذا أرادوا فكأنهم قد أرادوا موتي لأن حيوة المحزون لا خير فيها هذا ما يفسر به البيت وليس بظاهر وأظهر من هذا أنه ذكر في البيت قبله أنه لو حسد على نفيس لجاد به ثم قال إنما أحسد على حيوتي وهي حيوة بلا سرور يدل على هذا قوله وما خير الحيوة بلا سرور أي فلا خير في حيوتي لأنها بغير سرور ولو كان فيها خير وسرور لجدت بها ولكن لا يرغب أحد في حيوة لا سرور فيها فجعل الحيوة كالشيء الذي يجاد به على الحاسد للنجاة من شره وحسده ثم ذكر أنها خالية من السرور فلا يرغب فيها راغب
فيا ابن كروسٍ يا نصف أعمى ... وإن تفخر فيها نصف البصير
هذا الأعور كان يعاديه لذلك سماه نصف الأعمى ونصف البصير والمعنى أن فخرت ببصرك فأنت ذو بصر واحد
تعادينا لأنا غير لكن ... وتبغضنا لأنا غير عور
يقول تعادينا لما بيننا من المضادة لأنك الكن وأنا فصيح وأنت أعور وأنا بصير
فلو كنت امرءً يهجا هجونا ... ولكن ضاق فتر عن مسير
يقول لخستك لا مجال للشعر فيك فإن الهجاء يرتفع عن قدرك والفتر يضيق مقداره عن المسير فيه كذلك أنت ليس لك عرض يهجي كما قال، بما أهجوك لا أدري، لساني فيك لا يجري، إذا فكرت في عرضك أشفقت على شعري، وقال يمدح محمد بن عبيد الله بن محمد بن الخطيب القاضي الخصيبي
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن ... يخلو من الهم أخلاهم من الفطن
يقول الافضلون كالأغراض للزمان يرميهم بنوائبه ويقصدهم بالمحن وإنما يخلو من الحزن من كان خاليا من الفطنة والبصيرة يعني أن الزمان إنما يقصد بشره الأفضل كما قال ذو الإصبع، أطاف بنا ريب الزمان فداسنا، له طائف بالصالحين بصير، وقال البحتري، ألم تر للنوائب كيف تسمو، إلى أهل النوافل والفضول،
وإنما نحن في جيل سواسية ... شرٍ على الحر من سقمٍ على بدن
الجيل الضرب من الناس وسواسية متساوون في الشر ولا يقال في الخير
حولي بكل مكانٍ منهم خلق ... تخطى إذا جئت في استفهامها بمن
خلق جمع خلقة وهي الصورة ويروي خلق جمع خلقة من الناس والمعنى أن من يستفهم بها عن من يعقل وهؤلاء كالبهائم وإذا استفهمت عنهم فقل ما أنتم ولا تقل من أنتم
لا أقتري بلداً إلا على غررٍ ... ولا أمر بخلقٍ غير مضطغنِ
تقول قزوت البلاد واستقريتها واقتريتها إذا تتبعتها تخرج من بلد إلى بلد ومضطغن ذو ضغن وحقد يقول لا أسافر على خطر وخوف على نفسي من الحساد والاعداء ولا أمر بأحد لا يكون له عليّ حقد يعني أنهم جهال اعداء لذوي الفضل والعلم فلجهلهم وفضلي يعادونني
ولا أعاشر من أملاكهم أحدا ... لا أحق بضرب الرأس من وثنِ
يقول لا اخالط أحدا من ملوكهم إلا وهو يستحق القتل كالصنم الذي يستق أن يكسر ويفصل بين رأسه وبدنه حتى لا يكون على خلقة الإنسان ويجوز أن يكون ضرب الرأس كناية عن الاذلال يقول هو أحق بالإذلال من الوثن وإنما خص الوثن لأنه أراد أنه صورة لا معنى وراءه كالوثن الذي يفتن به قوم يعبدونه وهو تمثال لا معنى وراءه
إني لأعذرهم مما أعنفهم ... حتى أعنف نفسي فيهم وأني
يقول أجعل لهم عذرا فيما الومهم به من الغفلة واللؤم حتى اعود على نفسي باللوم واقصر في لومهم وعذرهم أنهم جهال والجاهل لا يلام على ترك المكارم والرغبة عن المعالي وقد ذكر هذا فقال
فقر الجهول بلا قلبٍ إلى أدب ... فقرالحمارِ بلا رأسٍ إلى رسنِ
أول ما يحتاج إليه الإنسان العقل والقلب الذي به يعقل ثم يتأدب بعد ذلك فإذا لم يكن عاقلا لم يحتج إلى أدب كالحمار إذا لم يكن له رأس لم يحتج إلى الرسن
ومدقعين مسبورتٍ صحبتهم ... عارين من حللٍ كاسين من درنِ
يريد الصعاليك الذين يجلسون على الدقعاء بالمفازة التي لا نبت فيها ومنه قيل للفقير سبروت
خراب بادية غرثى بطونهم ... مكن الضباب لهم زاد بلا ثمن
الخراب جمع خراب وهو الذي يسرق الإبل خاصة ثم سميّ به كل لص والمكن بيض الضب يقول هم سراق فلاة وليس لهم زاد إلا بيض الضب يأخذونه بلا ثمن
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 128