اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 122
مطرت سحاب يديك ريَّ جوانحي ... وحملت شكرك واصطناعك حاملي
يقول أرواني سحاب جودك وحملت شكرك على انعامك واحسانك حملني لأنه كفى مؤني وتحمل اثقالي
فمتى أقوم بشكر ما أوليتني ... والقول فيك علو قدر القائل
متى سؤال عن الزمان كأنه قال منكرا أي زمان أقوم بشكر ما أعطيتني أي لا أقوم به لأني كلما اثنيت عليك وشكرتك حصلت عليّ نعمةٌ لك جديدة وهو أن ذلك يكسبني علوا ورفعة وتاب بدر من الشراب فرآه يشرب فقال
يا أيها الملك الذي ندماؤه ... شركاؤه في ملكه لا ملكه
في كل يوم بيننا دم كرمةٍ ... لك توبة من توبةٍ من سفكهِ
جعل الخمر دم الكرم وجعل شربها واستهلاكها سفكا لذلك الدم يقول كل يوم تتوب من توبتك من شرب الخمر والتوبة من التوبة ترك التوبة
والصدق من شيم الكرام فنبئنا ... أمن المدام تتوب أم من تركه
قال له بدر بل من تركه قال ابن جنى وكان الوجه أن يقول فنبيئنا ولكنه أبدل الهمزة ياء ثم حذفها وقال ابن فورجة هذا تصحيف والصحيح فنبئن فكتبت بالألف فصحفت إلى نبنا وقال أيضا فيه
بدر فتى لو كان من سؤاله ... يوماً توفر حظه من ماله
أي لأن حظ السؤال أكثر من حظه
تخير الأفعال في أفعاله ... ويقل ما يأتيه في إقباله
أي افعال الناس وصنائعهم تخير فيما يفعله هو لقصورها عن فعله وزيادة ما يفعله على فعلهم ثم يقل ذلك في دولته لاقتضائها الزيادة على ما فعل
قمراً ترى وسحابتين بموضع ... من وجهه ويمينه وشماله
فسر المصراع بالمصراع الثاني وقال ابن جنى أي يمينه تسح العطاء وشماله الدماء قال ابن فورجة الرجل لايقاتل بشماله والفعل يكون لليمين في كل شيء وإنما يكون عمل الشمال كالمعاونة لليمين وإنما يعني أن يديه جيمعا كالسحابتين عطاء وسح دماء
سفك الدماء بجوده لا بأسه ... كرما لأن الطير بعض عياله
هذا كقوله، ما به قتل اعادي، البيت زاد بذكر الجود والعيال على ما قاله الشعراء من اطعام الطير لحوم الاعداء
إن يفن ما يحوي فقد أبقى به ... ذكرا يزول الدهر قبل زواله
هذا منقول من قول الشاعر، بقلبي غرام لست أبلغ وصفه، على أنه ما كان فهو شديد، ترم به الأيام تسحب ذيلها، وتبلى به الأيام وهو جديد وقد سأله حاجة فقضاها فنهض فقال
قد أبت بالحاجة مقضية ... وعفت في الجلسة تطويلها
أنت الذي طول بقائي به ... خير لنفسي من بقائي لها
وسأله بدر الجلوس فقال
يا بدر إنك والحديث شجون ... من لم يكن لمثاله تكوين
قوله الحديث شجون مثل والمعنى أنه ذو شجون أي ذو طريق مشتبكة مختلطة وفصل بهذا المثل بين أسم إن وخبرها كما يفصل بالقسم فيقال أنك والله عاقل يقول أنك من لم يكون الله مثله ولم يخلقه واشار بقوله والحديث شجون إلى أن تحت قوله لا مثل لك معان كثيرة لا تحصى
لعظمت حتى لو تكون أمانة ... ما كان مؤتمنا بها جبرين
جبرين لغة في جبريل بكسر الجيم وحذف الهمزة وتبدل اللام نونا وكذاك يقال اسماعيل واسمعين واسرائيل واسرائين يقول لو كنت أمانة لكنت عظيما لا يؤتمن بها جبريل الأمين على وحي الله وكتبه إلى انبيائه وهذا إفراط وتجاوز حد يدل على قلة دين وسخافة عقل
بعض البرية فوق بعض خاليا ... فإذا حضرت فكل فوق دون
يقول إذا خلا الناس منك اختلفوا وتباينوا فإذا حضرت استووا كلهم في التقصير عنك وصار اعلاهم دونك واخلص فوقا ودونا اسمين وقال فيه أيضا
فدتك الخيل وهي مسومات ... وبيض الهند وهي مجردات
المسومات المعلمات بعلامات تعرف بها يقول فدتك الخيل والسيوف في الحرب حتى تفنى هي وتبقى أنت
وصفتك في قوافٍ سائرات ... وقد بقيت وإن كثرت صفات
أي بقيت صفات وإن كثرت القوافي لأنها لا تحيط بصفاتك
أفاعيل الورى من قبل دهم ... وفعلك في فعالهم شيات
الشية من اللون ما خالف معظمه كالغرة والتحجيل يقول أفعال الناس من قبلك سود بالقياس إلى فعلك وفعلك يتميز من أفعالهم تميز الشية من لون الأدهم أو تتزين أفعالهم بفعلك تزين الأدهم بالغرة والتحجيل كقول الطاءي، قوم إذا اسود الزمان توضحوا، فيه وغودر وهو منهم أبلق وقام منصرفا بالليل وقال
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 122