اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 117
يقول تعرق عنقها وما حولها إذا طلبت حضرها أي إذا ركضتها وإذا جذبت عنانها طاوعت ولانت عنقها حتى تظن العنان محلول العقد لأنها لا تجاذبك العنان لمطاوعتها ويجوز أن يكون هذا وصفا بطول العنق يعني أنها إذا رفعت رأسها استرخى العنان وطال لأنه على قدر طول عنقها فيصير العنان كأنه محلول ويقول أبنه دوسته أنها تمد عنقها ورأسها كيف شاءت وتغلب فارسها فلا يقدر على رد رأسها بالعنان فكأن عقد عنانها غير مشدود لأنه لو كان مشدودا لقدر الفارس على ضبطها وما أبعد ما وقع إذ فسر بضد المراد ووصف الفرس بالجماح
ما زال يجمع نفسه في زوره ... حتى حسبت العرض منه الطولا
عاد إلى وصف الأسد فقال ما زال يجمع قوى نفسه في صدره حتى صار عريضا في قدر طوله وكذلك يفعل الأسد إذا أراد الوثوب على الصيد
ويدق بالصدر الحجار كأنه ... يبغي إلى ما في الحضيض سبيلا
يقال حجر واحجار لم تصدقه النظر إليك ولو صدقته لما دنا منك هيبةً لك وأدنى افتعل من الدنو وعني بالخطب الجليل مقاتلة الممدوح
أنف الكريم من الدنية تارك ... في عينه العدد الكثير قليلا
يقول الكريم يأنف من الدنية فلا يهرب بل يقدم على العدد الكثير حتى كأنه قليل في عينه
والعار مضاض وليس بخائف ... من حتفه من خاف مما قيلا
مضاض محرق يقال مضنى الأمر وامضني والمعنى أن من أنف من الدنية لم يحجم عن المنية
سبق التقاءكه بوثبة هاجمٍ ... لو لم تصادمه لجازك ميلا
يعني عجل الأسد بوثبته على ردف فرسك قبل التقائك معه فهجم عليك بوثبةٍ لو لم تصطكه لجاوزك بمقدار ميل وهو ثلث فرسخ والمصادمة مفاعلة من الصدم وهي الصك
خذلته قوته وقد كافحته ... فاستنصر التسليم والتجديلا
يقول ذهبت قوته لما قاتلته فكأنه طلب النصر من التسليم وهو الانقياد وترك الخصومة والتجديل من قولهم جدله إذا صرعه والتجديل كل من جهة الممدوح وهو جدله والأسد مال إلى ذلك وانجدل فكأنه رأي النصر في ذلك
قبضت منيته يديه وعنقه ... فكأنما صادفته مغلولا
اساء أبو الطيب في هذا حين لم يجعل أثرا للممدوح ولاغناء في قتل الأسد وقال كأنه كان مغلول اليد والعنق بقبض المنية عليه
سمع ابن عمته به وبحاله ... فنجا يهرول أمس منك مهولا
يريد أسدا كان قد هرب منه أي لما سمع بقتلك الأسد الأول هرب ونجا برأسه خائفا منك ولم يرد بقوله ابن عمته تحقيق النسب إنما أراد أسدا آخر من جنسه
وأمر مما فر منه فراره ... وكقتله أن لايموت قتيلا
يقول فراره أمر من هلاكه الذي فر منه وكقتله إذ لم يقتل لأن المقتول بالسيف خير من المقتول بالذم والعيب وهذا من قول أبي تمام، ألفوا المنايا فالقتيل لديهم، من لم يخل العيش وهو قتيل
تلف الذي اتخذ الجراءة خلةً ... وعظ الذي اتخذ الفرار خليلا
يقول تلف الأسد الذي اجترأ عليك وعظ هذا الذي فر وحبب إليه الفرار
لو كان علمك بالإله مقسماً ... في الناس ما بعث الإله رسولا
يقول لو عرف الناس ربهم معرفتك به لم يبعث الله تعالى رسولا يدعوهم إليه ويعلمهم دينه
لو كان لفظك فيهم ما أنزل ال ... قرآن والتوراة والأنجيلا
اساء في هذين البيتين وافرط وتجاوز الحد نعوذ بالله من ذلك
لو كان ما تعطيهم من قبل أن ... تعطيهم لم يعرفوا التأميلا
يقول لو وصل إلى الناس عطاؤك قبل اعطائك أياهم لكانوا لا يعرفون الأمل لأن الموجود لا يؤمل أي فكانوا يستغنون بما نالوا منك لأنك تعطى فوق الأمل فلا يحتاجون إلى تأميل بعد ذلك
فلقد عرفت وما عرفت حقيقة ... ولقد جهلت وما جهلت خمولا
أي لم يعرفوك حق معرفتك لأنهم لا يبلغون كنة قدرك فإذا لم يعرفوك حق المعرفة فقد جهلوك
نطقت بسوددك الحمام تغنياً ... وبما تجشمها الجياد صهيلا
يقول إذا غنت الحمام غنت بذكر سيادتك وكذلك الخيل إذا صهلت يعني أن البهائم الذي لا تعقل عقلت سيادتك فنطقت بها
ما كل من طلب المعالي نافذاً ... فيها ولا كل الرجال فحولا
ورد كتاب من ابن رائق على بدر بإضافة الساحل إلى عمله فقال
تهني بصورٍ أم نهنئها بكا ... وقل الذي صور فأنت له لكا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 117