اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 11
يقول أنا أبصرك وأظن أني أراك في النوم وإنما قال هذا استعظاما لرؤيته كما قال، أحلما نرى أم زمانا جديداً، وذلك أن الإنسان إذا رأى شيئاً يعجبه وأنكر رؤيته يقول أرى هذا حلما أي أن مثل هذا لا يرى في اليقظة وهذا كما قال الآخر، أبطحاء مكة هذا الذي، أراه عيانا وهذا أنا، استفهم متعجبا مما رأى ثم حقق أنه يراه يقظان لا نائما بباقي البيت والمعنى لايحلم أحد برؤية الله تعالى ولا يراه في النوم أحدق حتى أرى أنا أي كما لا يرى الله تعالى في النوم كذلك لا ترى أنت وهذه مبالغة مذمومة وافراط وتجاوز حد ثم هو غلط في انكار رؤية الله تعالى في النوم فإن الاخبار قد تواتر بذلك ونكر المعبرون حكم تلك الرؤيا في كتبهم وروى أن ملكامن الملوك رأى في نومه أن الله تعالى قد مات وقص رؤياه على المعبرين فلم ينطقوا فيها بشيء استعظاما لما رأى حتى قال من كان أعلمهم تأويل رؤياك أن الحق قد مات في بلدك لظلمك وجورك وذلك أن الله تعالى هو الحق فعلم الملك أنه كما قال فرجع عن ظلمه وتاب.
كبر العيان على حتى إنه ... صار اليقين من العيان توهما
هذا البيت تأكيد لما ذكرنا في البيت الأول يقول عظم على ما أعاينه من الممدوح وحاله حتى شككت فيما رأيت إذ لم أر مثله ولم اسمع به حتى صار المعاين كالمتوهم المظنون الذي لايرى والصحيح رواية من روى إنه بكسر الالف لأن ما بعد حتى جملة وهي لا تعمل في الجمل كما تقول خرج القوم حتى إن زيدا خارج ومن روى أنه بفتح الالف كان خطأَ.
يا من لجود يديه في أمواله ... نقم تعود على اليتامى أنعما
يقول جودك يفرق مالك كأنه ينتقم منه كما ينتقم من العدو باهلاكه وتلك النقم في اموالك نعم على الأيتام لان التفريق فيهم ولو روى على البرايا كان أعم وأشمل لان الايتام مقصور على نوع من الناس.
حتى يقول الناس ماذا عاقلاً ... ويقول بيت المال ماذا مسلما
يقول يفرط في جوده حتى ينسبه الناس إلى الجنون ويقول بيت المال ليس هذا مسلما لأنه فرق بيوت أموال المسلمين ولم يدع فيها شيئاً ومثله قول ابي نواس، جدت بالأموال حتى، قيل ما هذا صحيح، وقال ايضا، جاد بالأموال حتى، حسبوه الناس حمقاً، وقول الطائي، ما زال يهذي بالمكارم والندى، حتى ظننا أنه محموم، وهذا معنى باردٌ وقد زاده الطائي فسادا واصل هذا المعنى من قول عبيد بن أيوب العنبري، ما كان يعطي مثلها في مثله، إلا كريم الخيم أو المجنون.
إذكار مثلك ترك إذكاري له ... إذ لا تريد لما أريد مترجما
يقال انكرته كذا بمنزلة ذكرته والمترجم المعبر عن الشيء مثل الترجمان يقول إذا تركت انكاري لك حاجتي فهو انكار مثلك لأنك تعلم ما أريد فلا تحتاج إلى من يترجم لك عما في ضميري والمعنى من قول أبي تمام، وإذا الجود كان عوني على المرء تقاضيته بترك التقاضي وقال أيضا في صباه.
محبي قيام ما لذالكم النصل ... بريا من الجرحى سليماً من القتل
قال ابن جنى معناه يا من يحب مقامي وترك الاسفار كيف اقيم ولم أجرح بنصلي اعدائي والقيام على ما قال الوقوف وترك الحركة من قولهم قامت الدابة إذا وقفت وقام الماء وجمع الكناية في ذلكم لأنه خاطب الجماعة والصحيح أن القيام هنا قيام إلى الشيء أو بالشيء يقول أيها المحبون قيامي إلى الحرب أو بالحرب ما لنصلكم لا يقتل ولايجرح وليس فيه آثار الضرب أي لم لا تعينونني بالسيف إن أحببتم قيامي.
أرى من فرندى قطعةً في فرنده ... وجودة ضرب الهام في جودة الصقل
الفِرند يروى بفتح الراء وكسرها وهو معرب ومعناه ما يستدل به على جودة الحديد كالآثار والنقط يقول أرى من قوتي ونشاطي قطعة في فرند هذا السيف أي له حدةٌ ومضاءٌ كحدتي ومضائي ثم قال وجودة الضرب في جودة الصقل أي إذا لم يكن السيف جيد الصقل لم يجد به الضرب ومن نصب جودة فمعناه أرى جودة الضرب في جودة صقل السيف أي قد أجيد صقله ليجود به الضرب.
وخضرةُ ثوبِ العيش في الخضرةِ التي ... أرتك أحمرار الموت في مدرج النمل
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 11