اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 106
أي لا يحب نشر فضائله فكأن له قلبا يحسده فلا يحب اظهار فضله ومناقبه كما قال، أنا بالوشاة إذا ذكرتك أشبه، تأتي الندى ويذاع عنك فتكره، وقد قال أبو تمام، وكأنما نافست قدرك حظه، وحسدت نفسك حين أن لم تحسد، معناه أنك نافست قدرك وحسدت نفسك فطفقت تباهي في الشرف وتزيد على كل غاية تصل إليها وإن كنت منقطع القرين وأبو الطيب يقول كأن قلبك بجسدك على فضائلك فهو يكره أن تستقل بذكرها وهذا نوع آخر من المديح لكنهما قد اجتمعا في حسد النفس والقلب
ويقدم إلا على أن يفر ... ويقدر إلا على أن يزيدا
يقول هو يقدم على كل عظيم إلا على الفرار فإنه أهول عنده من كل هول ويقدر على كل صعب إلا على أن يزيد على ما هو عليه من جلال القدر والمحل فإنه لا نهاية له وراءه
كأن نوالك بعض القضاء ... فما تعط منه نجده جدودا
يقول إذا وصلت أحدا ببر سعد ببرك وتشرف بعطيتك فصارت جدا له ويجوز أن يكون المعنى أن القضاء نحس وسعد ونوالك سعد كله فهو أحد شقي القضاء وروى ابن دوست فما تعط منه بفتح الطاء وتجده بالتاء على المخاطبة وقال في تفسيره كأن عطاءك للناس قضاء يقضي الله بذلك وما أعطاك منه فهو عندك بمنزلة بخت تعطاه وترزقه وهذا تفسير باطل ورواية باطلة وهو من كلام من لم يقرأ هذا الديوان
وربتما حملة في الوغى ... رددت بها الذبل السمر سوادا
التاء في ربتما للتأنيث وما صلة يقول رب حملة لك على اعدائك في الحرب صرفت بها رماحك السمر سودا أي لطختها بالدماء حتى اسودت عليها لما جفت
وهول كشفت ونصل قصفت ... ورمح تركت مبادا مبيدا
يقول رب هول كشفته عن أوليائك وحزبك ورب سيف كسرته بقوة ضربك ورب رمح تركته مهلكا باستعمالك إياه في الطعن ومبيدا حال من الممدوح أي تركته مهلكا في حال إبادتك به وطعنك العدو ولا يجوز أن يكون نصبه كنصب مبادا لأنه بعد أن صار مبادا لا يكون مبيدا وجميع من فسر هذا الديوان جعلوا المباد والمبيد للرمح وقالوا تركته مبادا وكان مبيدا وإضمار كان لا يجوز في هذا الموضع لأنه لا دليل عليه ومثل هذا المعنى في السيف قول البعيث، وإنا لنعطى المشرفية حقها، فتقطع في أيماننا فتقطع، وقال أيضا أبو تمام، وما كنت إلا السيف لاقى ضريبةً، فقطعها ثم انثنى فتقطعا، وكرر أبو الطيب هذا المعنى فقال، قتلت نفوس العدى بالحديد، البيت وقال ألقاتل السيف في جسم القتيل به، البيت
ومال وهبت بلا موعدٍ ... وقرن سبقت إليه الوعيدا
هذا كقوله، لقد حال بالسيف دون الوعيد، وحالت عطاياه دون الوعود،
بهجر سيوفك أغمادها ... تمنى الطلا أن تكون الغمودا
يقول سيوفك قد هجرت أغمادها لأنها أبدا يضرب بها ولا ترجع إلى أغمادها فاعناق اعدائك تتمنى أن تكون أعمادا لها فلا تجتمع معها أبدا وغلط ابن دوست في هذا البيت مع وضوحه غلطة فاحشة فقال يقول يقول سلك السيوف وتفريقك بينها وبين أغمادها تتمنى اعناق الناس أن تكون غمودا لها فتغمدها فيها حتى يقل الضرب والقتل بها يريد شدة حبهم لاغمادها ولو كان ذلك في اعناقهم هذا كلامه وكنت أربأ به عن مثل هذا الغلط مع تصدره في هذا الشأن ونعوذ بالله من الفضيحة أما علم أن الغمود في القافية هي الإغماد المذكورة في البيت وكيف يفسر قوله بهجر سيوفك بقوله عند سلك السيوف ومتى تكون الباء بمعنى عند
إلى الهام تصدر عن مثله ... ترى صدراً عن ورودٍ ورودا
هذا البيت متصل بالذي قبله وهو مؤكد لمعناه وإلى من صلة الهجر أي بهجر سيوفك اغمادها إلى الهام كقوله قالوا هجرت إليه الغيث وتصدر معناه الحال أي صادرة عن مثل ما هجرت إليه أي تأتي الرؤوس وهي صادرة عن رؤوس قوم آخرين وصدرها عما وردت عليه ورودها على مثل ما صدرت عنه فهي أبدا صادرة عن هام إلى هام وصدرها أبدا ورودها إلى هام أخرى لذلك لا تعود إلى أغمادها ولم يفسر هذا البيت أحد كما فسرته
قتلت نفوس العدى بالحدي ... د حتى قتلت بهن الحديدا
هذا مثل قول أبي تمام، وما مات حتى مات مضرب سيفه، من الضرب واعتلت عليه القنا السمر، ومعنى قتل الحديد بهن كسره في نفوسهم
فأنفدت من عيشهن البقا ... وأبقيت مما ملكت النفودا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 106