responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ديوان الحماسة المؤلف : المرزوقي    الجزء : 1  صفحة : 843
وقال محمد بن أبي شحاذ
إذا أنت أعطيت الغنى ثم لم تجد ... بفضل الغنى ألفيت مالك حامد
إذا أنت لم تعرك بجنبك بعض ما ... بريب من الأدنى رماك الأباعد
قوله (إذا أنت) جوابه ألقيت، وهو الفعل الواقع فيه، لأن إذا بتضمنه للجزاء يطلب جواباً ويكون ظرفاً له، فيقول: إذا نلت اليسار والغني، ومكنت من أطماع الدنيا فملكتها، ثم لم تتسخ بما يفضل من وجدك، وجدت لا يثنى عليك حامد، ولا يحفظ غيبك ذائد، وفي الثناء الباقي على الدهر خلف من نفاذ العمر، فإن لم تكتسبه بما تناله لحقك الذم ممن ألحاظهم سهام، وألفاظهم سمام. وقوله (إذا أنت لم تعرك) جوابه رماك الأباعد. وكما بعث في البيت الأول على الإفضال وذم الإمساك مع القدرة، بعث في هذا البيت على مصابرة العشيرة واستبقائهم، وترك مؤاخذتهم بما يتفق من هفواتهم، وتدقيق محاسبتهم علي بدوائهم وزلاتهم. فقال: لا يؤمنك إقبال الدنيا عليك إدبارها عنك، ولا دولة لك من إدالة منك. وأعلم أنك إذا لم تعف عما يريبك من أدانيك، ولم تحتمله في عفوك وحلمك، اجترأ عليك الأباعد فرموك بما لا صبر لك عليه من أذاهم ومكروههم. ويقال: عركت كذا بجنبي، أي احتملته وجعلته مني بظهر. والعرك والدلك بمعنى واحد. وقال: (بعض ما يريب من الأدنى) ، إشارة إلى ما يكون فيه على الحلم محمل. لأنه ليس كل ما يريب يعد التجافي عنه حسناً.
إذا الحلم لم يغلب لك الجهل لم تزل ... عليك يروق جمة ورواعد
إذ العزم لم يفرج لك الشك لم تزل ... جنيباً كما استتلى الجنيبة قائد
قوله (إذا الحلم) جوابه لم تزل، فيقول: تحلم في كثير مما يعروك ويطرقك، وانظر أن تكون لك الغلبة على جهلك، والتملك لاحتدادك وصولك، فإنك إن لم تستعمل الأناة في مقارضاتك، وتسرعت إلى المكافأة على ما يظهر لك، ولم تضن بمن بلوته فعرفت مذاهبه، وخبرت خلائفه وصار مستمد رأيك ومشتكي حزنك لم تنتفع بغيره، واجتمعت عليك البروق والرواعد ممن تعده لك وعليك. وهذا مثل لأنواع الأذى والمكروه، والتوعد بضروب القول، وفنون الفعل.

اسم الکتاب : شرح ديوان الحماسة المؤلف : المرزوقي    الجزء : 1  صفحة : 843
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست