responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ديوان الحماسة المؤلف : المرزوقي    الجزء : 1  صفحة : 712
وقال مسجاح بن سباع
لقد طوفت في الآفاق حتى ... بليت وقد أنى لي لو أبيد
وأفناني ولا يفنى نهار ... وليل كلما يمضي يعود
وشهر مستهل بعد شهر ... وحول بعده حول جديد
ومفقود عزيز الفقد تأتى ... منيته ومأمول وليد
يقول: جلت في نواحي الأرض شرقها وغربها، عافياً وطالباً بما يطلب به مثلي المال والجاه، والعز والفخر، إلى أن مسني الكبر، وتسلط علي البلى والهرم، وضعف الأمل في البقاء بحسب قوة الخوف من الفناء، فقد آن لي أن ألحق السابقين إن قدر لي ذلك. وقوله أنى لي يقال أنى وآن بمعنى، وفاعله ما دل عليه لو أبيد، والمعنى أنى لي البيود إن كتب وقضى علي.
وقوله وأفناني ولا يفنى نهار جمع بين فعلين، على قوله نهار، لكنه أعمل الثاني، وهو المختار. المراد: أُثر في قواي مضى نهار لا يتقضى، وتجدد ليل لا يتصرم، بل كلما يمضي واحد عاد بدله آخر، وكذلك أفناني، أي أفنى جدتي وغنائي، شهر ينسلخ بعد استهلاله، إلى وقت استكماله، وسنة يتبعها مثلها، فلا يعرف قضاؤها. ثم ما يلحقني في أثناء تلك الليالي والأيام، والسنين والأعوام، من فقد من أعتمده ليومي وغدي، وخلافتي بعد موتي وأستكفله ولدي، وأسترعيه هملي. هذا مع كماله في فضله، وبراعته وطوله، والإشادة بالتنويه إليه من كل جانب، والشهادة له بالتبريز من كل فاضل. ومن ولادة طفل يعلق الرجاء بنشئه، وتجمع أسباب الطمع في حياته، ويشغل الوقت بتربيته والترفرف عليه عوضاً مما كان له من كاسبه وكافله، ورحمة لبقائه بعد من كان يعز عليه، وعقب من هنئ فيه فلم يهنأه.
وإذا تأمل الناظر ما اقتصه هذا الشاعر في هذه الأبيات على قلتها، من امتحانه بالكبرة والسن، وتراجع القوة بمآخذ الدهر، ومع التجوال في البلدان، ومقاساة الشقاء في الحل والترحال، والتنقل في الأحوال، ثم مرور الأيام وكرورها بما لا يسر عليه، إلى أن رفع الطمع عما كان تجمعه يده ونفض اليد مما كان يشده قبضه، ثم المصاب

اسم الکتاب : شرح ديوان الحماسة المؤلف : المرزوقي    الجزء : 1  صفحة : 712
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست