اسم الکتاب : شرح ديوان الحماسة المؤلف : المرزوقي الجزء : 1 صفحة : 660
حصوله له غداة كل يوم. وقوله مربعاً يجوز أن يكون ظرفاً، ويكون أن يكون مفعولا، ويكون المربع والربيع المطر نفسه. قال الخليل: وقد يسمى الوسمى ربيعاً. ويكون المعنى: سقتك مطراً الغوادي بعد مطر. ويجوز أن يكون مصدراً من قولهم ربعت الأرض، إذا أصابها الربيع، فكأنه قال: ربعتك الغوادي مربعاً بعد مربعٍ، أي سقتك الغوادي سقياً بعد سقى.
وقوله:
فيا قبر معنٍ أنت أول حفرة
يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون مثل قول الآخر:
كأن لم يمت حيٌ سواك ولم تقم ... على أحدٍ إلا عليك النوائح
ويكون الكلام تفظيعاً للحال، وتنبيهاً على أن ما وقع لم تجر العادة بمثله، فهو مستبدعٌ لعظم موقعه في النفوس، حتى كأنه لم ير قبرٌ قبله دفن فيه كريم. والآخر أن يكون المعنى: أنت أول حفيرة استحدثت لتواري فيها السماحة والسخاء والمروءة، فتصير مضجعاً لها، ويكون المعنى أن السماحة ماتت بموت معنٍ ودفنت بدفنه، وأنت أول خطةٍ اختطت للسماحة نفسها. وقوله مضجعاً انتصب على الحال.
ويا قبر معنٍ كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا
بلى قد وسعت الجود والجود ميتٌ ... ولو كان حياً ضقت حتى تصدعا
كرر مناداة القبر توجعاً وتحسراً، ثم أخذ يتعدب ويقول منكراَ: كيف سترت جوده، وقد كان ملئاً للبر والبحر معاً. وفي طريقته قول الآخر:
عجباً لأربع أذرعٍ في خمسةٍ ... في جوفها جبلٌ أشم كبير
فإن قيل: لم قال مترعاً فوحد والإخبار عن البر والبحر جميعاً؟ قلت: يجوز أن يكون إنما وحد لأنه نوى التقديم والتأخير، كأنه قال: وقد كان منه البر مترعاً والبحر، أي والبحر أيضاً مترع، فيرتفع البحر بالابتداء، واكتفى بالإخبار عن الأول إذ
اسم الکتاب : شرح ديوان الحماسة المؤلف : المرزوقي الجزء : 1 صفحة : 660