55-
وَمَن يَعْصِ أطرَافَ الزِّجاجِ فَإِنَّهُ ... يُطيعُ العَوَالي رُكّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ
الزِّجاج، جمع زُجّ الرمح: وهو الحديد المركب في أسفله، وإذا قيل: زُجّ الرمح، عني به ذلك والسنان. اللهذم: السنان الطويل. عالية الرمح ضد سافتله، والجمع العوالي، إذا التقت فئتان من العرب سددت كل واحدة منهما زجاج الرماح نحو صاحبتها وسعى الساعون في الصلح، فإن أبتا إلا التمادي في القتال قلبت كل واحدة منها الرماح واقتتلتا بالأسنة.
يقول: ومن عصى أطراف الزجاج أطاع عوالي الرماح التي ركّبت فيها الأسنة الطوال؛ وتحرير المعنى: من أبى الصلح ذللته الحرب وليَّنته، وقوله: يطيع العوالي، كان حقه أن يقول: يطيع العوالِيَ، بفتح الياء، ولكنّه سكن الياء لإقامة الوزن، وحمل النصب على الرفع والجر؛ لأن هذه الياء مسكنة، ومثله قول الراجز: [الرجز] :
كأنّ أيديهن بالقاع القرق
أيدي جوارٍ يتعاطينَ الوَرِق
56-
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ ... يُهَدَّم وَمَن لا يظلِمِ النّاسَ يُظْلَمِ
الذود: الكفُّ والرَّدع.
يقول: ومن لا يكفّ أعداءه عن حوضه بسلاحه هدم حوضه، ومن كف عن ظلم الناس ظلمه الناس، يعني ومن لم يَحْمِ حريمه استبيح واستعار الحوض للحريم.
57-
وَمَن يغترِبْ يَحْسِبْ عدُوًّا صَديقَهُ ... وَمَنْ لَمْ يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لَمْ يكرَّمِ
يقول: من سافر واغترب حسب الأعداء أصدقاء؛ لأنه لم يجربهم فتوقفه التجارب على ضمائر صدورهم، ومن لم يكرم نفسه بتجنب الدنايا لم يكرمه الناس.
58-
وَمَهْمَا تكنْ عند امْرِئٍ من خَلِيقَةٍ ... وَإِنْ خَالها تَخْفَى على النَّاسِ تُعْلَمِ
يقول: ومهما كان للإنسان من خلق فظن أنه يخفى على الناس علم ولم يَخْفَ، والخلق والخليقة واحد، والجمع الأخلاق والخلائق، وتحرير المعنى: أن الأخلاق لا تخفى والتخلّق لا يبقى.
59-
وكائنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ ... زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ.