اسم الکتاب : سر الفصاحة المؤلف : ابن سنان الخفاجي الجزء : 1 صفحة : 48
ولا خلاف بين الأمة أن المسموع في المحاريب كلام الله تعالى على الحقيقة. والجواب عن هذا: أن إضافة الكلام إلى المتكلم أن كان الأصل فيها أن يكون من فعله فقد صار بالتعارف يضاف إليه إذا وردت مثل صورة كلامه. ولهذا يقولون فيما نسمعه الآن هذه قصيدة امرئ القيس وأن كان الفاعل لذلك غيره. وقد صار هذا بالتعارف حقيقة حتى لا يقدم أحد على أن يقول ما سمعت شعر امرئ القيس على الحقيقة. وقد تخطى ذلك إلى أن صاروا يشيرون إلى ما في الدفتر ويقولون: هذا علم فلان وهذا كلام فلان. لما كان مثل هذه الصورة [1]. [1] أطال هنا المؤلف في بيان حقيقة الكلام والمتكلم مع أن هذا يظهر بوضوح براعته في الجدل وعلم الكلام.
فصل في اللغة:
اللغة عبارة عما يتواضع القوم عليه من الكلام أو يكون توقيفاً: يقال في لغة العرب: أن السيف القاطع حسام. أي تواضعوا على أن سموه هذا الاسم. وتجمع لغة على لغات ولغين ولغون. وقد قيل في اشتقاقها أنها مشتقة من قولهم: لغيت بالشيء إذا أولعت به وأغريت به.
وقيل: بل هي مشتقة من اللغو وهو النطق. ومنه قولهم سمعت لواغي القوم أي أصواتهم.
ولغوت أي تكلمت. وأصلها على هذا لغوة على مثال فعله. فأما قولهم: في لغة بني تميم كذا وفي لغة أهل الحجاز كذا فراجع إلى ما ذكرناه. والمعنى أن بني تميم تواضعوا على ذلك ولم يتواضع أهل الحجاز عليه.
والصحيح أن أصل اللغات مواضعة وليس بتوقيف وإنما أوجب
اسم الکتاب : سر الفصاحة المؤلف : ابن سنان الخفاجي الجزء : 1 صفحة : 48