اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 157
السيوف، ومراتع الحتوف. ما هي إلا صيحة واحدة، وزجرة راصدة، حتى تراهم كأن لم يغنوا في ديارهم، ولم يسمع بأخبارهم. وهو غرض الجوائح، وهدف الخواطف، واتباعه رجل جراد في ريح يوم عاصف. اقبل في شرذمة هي لجيوش السلطان بمنزلة البغاث للجوارح التي تعتدها لحمة، وتتخذها طعمة. هم فرائس الحمام، وأهداف السهام. ما منهم إلا جراد مجرود، وقنص مصيد أو مطرود، المتالف لهم راصده، وإليهم قاصده. ما منهم إلا نهزة الطالب، وفرصة الغالب، وطعمة الأكل، وجرعة الشارب. جاء في أقل لمة، وأضعف شرذمة. ونوازل الغير بهم محدقة، وسهام النقم لهم مفوقة.
قرب العدو من الهلاك
هو محاط به وكالمأخوذ بناصيته. قد أذن الله في قطع أكله، وأدناه من حاضر أجله. ما هو إلا فرصة اليوم أو غد، والهلك واقف له بكل مرصد. قد رصده ضوء الصباح وظلام الليل. لتجنه أرحام الأرض، أو ينشر من بطون السباع. والطير قد حص جناحه، ودنا اجتياحه. ما هو إلا صفاة آن قرعها بل قلعها، وقناة قد حان صدعها بل قطعها. دعائمه مخفوضة، ومرائره منقوضة واللعنة به مصعوبة، والهلكة عليه مكتوبة، قد احتفت به النوائب تصرف أنيابها، وصمدت له الحوادث تفتح أبوابها، وانحت عليه الخطوب تخطب بحتفه، ولذت به الصروف تأخذه من بين يديه ومن خلفه.
فيمن يسعى بقدمه إلى مراق دمه
قد طار بجناحه، إلى مواضع اجتياحه. يمشي إلى حتفه بأخمصيه، ويبحث عن مديته بيده. تحفزه إلى مصرعه الأضاليل، وتعجله إلى هلكه الأباطيل. استخفهم الحين المتاح، واستحثهم القدر المجتاح. جد بهم
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 157