اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 154
توقظه العبر فلا يستيقظ وتعظه الآيات والذر فلا يتعظ. هو من لا تكف الموعظة غرب جهالته، ولا تفل النصيحة حد ضلالته. يصغي إلى الرشاد بمسمع أصم، ويعطس في العناد بأنف أشم. قد غطى الخذلان على سمعه وعينه، وحال بين قلبه وصدره، وملك عليه الشيطان مسارب عزمه، ومساري فكره. قد تحولته بالموعظة هادياً من حيرته، ومستشلياً من غمرته، فنادغاه الخذلان بأن صمم فأصر، قال له الشيطان تمم فاستمر. كأني أغريته، فناداه حين نهيته، وأغويته حين هديته، وأعميته حين بصرته، وخذلته حين نصرته. أولئك قوم قد أخذ الله بأسماعهم وأنصارهم وقرن الخذلان بأعوانهم وأبصارهم. جهالة عموا بها عمياء، وغشاوة مدت على دهمائهم دهماء.
إبراز صفحة المنابذة
أبرز صفحة المكاشفة، وكشف قناع المخالفة، وسار على مدارج الغرور، وأثار كوامن الثبور. ما ظننت الجهل يستمر كل هذا الاستمرار، حتى يستوفي كتاب الخذلان، ويستغرق صحيفة الإدبار. قد هتك حجاب نفاقه، وأظهر مكنون شقاقه، فانحرف وخالف، وجاهر وكاشف، واظهر مكنون سره، وأبدى كامن شره، واقدم على العظمى، وصرح بجحد النعمى. كشف قناع الحشمة، وخرق حجاب الهيبة. بارز سلطانه بالمحادة، وجاهره بالمضادة، مستبدلاً بعز تذلله، ذل تعززه عليه، ومعتاضاً من أمنة سعيه في رضاه، خيفة مخالفته إياه.
استيجاب التكبر والمعاقبة
أما الكبائر التي تحكي عنه فالواحدة منها ترفع رخصة الحكم، وتبدي الهجنة في الصفح. قد جرت منه هنات اقتضت أن تعرف قدره، وتلقي بما يشجي صدره. قد أوجب مروقه من الطاعة، وفسوقه بغاية الاستطاعة، إن ترتجع عواري النعم من يديه، وتفاض ملابس النقم عليه. لا يغني فيه
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 154