اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 148
الكاذبة، ويظنون الظنون الخائبة. وقد غرته نفسه، وكذبه أمله وحسه. حسب أنه يزاحم ليوث الشرى، بنعام القرى، وآساد الغابة، بأعيار العانة. تآمروا بنجوى الضلالة، وترددوا في كواذب الآمال. رعوا مراتع الظنون، ولم يروا مطالع المنون.
المداجاة والمراوغة في تربص الدوائر
قد طالت للدولة مداجاته، ودامت لأوليائها مماراته. يوهم طاعة يضمر خلافها، ويتربص فتنة يستدر أخلافها. ما زال يوهم وفاقاً، ويضمر نفاقاً، ويبذل صدق طاعة وولاء، ويسر حسواً في ارتغاء. قد تحلى بموالاة وموافقة لبسهما على مداجاة ومنافقة وتجلبب طاعة شاكر طائع، قد أفاضها على جثمان خالع. هو يوكيء على الغش عيابه، ويحنو على النكث ضلوعه وحجابه، ولا يبدي لنا بادية وفاق، إلا عن خافية نفاق، ولا يطلع طالعة وداد إلا عن خيبة عناد، ولا يبرز في شيمة من شيم التقرب إلى قلوبنا، إلا كانت غطاء على حيلة يعملها، وغيلة يرصد لها، وغشاء على فرضة ينتهزها، وغرة يهتبلها. طاعة تبدى صفحتها، وإن لم تخلص صفقتها، يظهر المعاضدة، ويبطن المعاندة. هو مضب على النفاق، معد للشقاق. يلقي الأولياء بوجه، والأعداء بقلب، ويكشر لهؤلاء عن بغض، ولهؤلاء عن حب. أظهر تسليماً يتخلله لجاج، وأبدى استقامة يكدرها اعوجاج.
تسويل الشيطان لمن يقرع باب العصيان
قد نعي الشيطان في آذانهم فاستجابوا لدعائه، وحسن لهم إسخاط سلطانهم فأسرعوا إلى ندائه. أوسعهم الشيطان تسويلا، واستهواهم تغريراً وتضليلا. نفخ الشيطان في سحره ومناخره، وضرب بالأسداد بين أوائل أمره وأواخره، وحبب له العناد حتى شيط بلحمه ودمه، وكره إليه الرشاد حتى ألقاه وراء ظهره وتحت قدمه. صافح الخذلان فغادره رهينا، وقارن الشيطان وساء
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 148