اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 139
سمة النقص. هذا عذر منمق، واحتجاج ملفق. كم هذا التعثر في أذيال المعاذير، والتعلق بأسباب المقادير. معاذير تتعثر في أذيالها، وتنكص على أعقابها، وتطمس وجوهها على أدبارها، وترد رؤوسها إلى أذنابها. عذر لكنه لسان الزور، وحاكته يد الغرور. أتاني عذر يتعثر في ذيل الخجل، ويتلقع بقناع العي والوجل. عذر لم يتول الحق نسجه، ولم يوضح الصدق نهجة.
ذكر القبول المعذرة وزوال الوحشة والموجدة
قد نزع الله ما كان في صدري من غل، وجعلت فلاناً مما سلف في حل. قد انطفأت تلك الوقدة، وانحلت تلك العقدة، وزال سكر الغيظ، وسكت لسان الغضب. كم ناب بعطفه أناب، ومزور بجانبه تاب. وصل فلان حبل الأخوة، ورم أسباب المودة، وطوى بساط الوحشة، وطرى ما كان ينهج من ثوب الثقة. قد رأيت بأن أطوي بساط الوحشة، وأخفض عماد النبوة، وأخرجه وأخرج معه عن ضيق المناقشة، إلى فسحة المسامحة، وعن حزونة المعاسرة، إلى سهولة المعاشرة. قد زال عتبنا، وانقطع ملامنا، وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا. قد انطفأت نار عتبه، وسكنت شقشقة سبه. أما سورة الغضب فقد بردت، وفورة الغيظ فقد خمدت. أما العذر فقد تصرفت منه فيما لو أتى الدهر بمثله، لصفح عن صروفه، وأمن المحذور من مخوفه. لا جرم أنه عفى معالم الجرم، ولم يبق من العتب على رسم ولا اسم.
أخر كتاب الإخوانيات وما يأخذ مأخذها، ولله الحمد والمنة
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 139