اسم الکتاب : زهر الآداب وثمر الألباب المؤلف : الحُصري القيرواني الجزء : 1 صفحة : 123
لاشترطنا حقّ المسايرة! فقال عبد الله: بوادر الخواطر، وأغفال المسانح؛ والله ما قلتها عن رويّة، ولا عارضنى فيها فكر؛ وأنت أجلّ من أقال، وأولى من صفح، قال: صدقت؛ خذ في غير هذا.
ولما قتل المنصور ابنه محمدا- وكان عبد الله في السجن- بعث برأسه إليه مع الربيع حاجبه؛ فوضع بين يديه، فقال: رحمك الله أبا القاسم فقد كنت من «الّذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، والّذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل، ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب» ! ثم تمثل:
فتى كان يحميه من الذلّ سيفه ... ويكفيه سوءات الأمور اجتنابها
ثم التفت إلى الربيع فقال له: قل لصاحبك قد مضى من بؤسنا مدة، ومن نعيمك مثلها؛ والموعد الله تعالى! قال الربيع: فما رأيت المنصور قطّ أكثر انكسارا منه حين أبلغته الرسالة «1» .
أخذ العباس بن الأحنف «2» هذا المعنى، وقيل: عمارة بن عقيل بن بلال ابن جرير»
فقال:
فإن تلحظى حالى وحالك مرة ... بنظرة عين عن هوى النفس تحجب
تجد كلّ يوم مرّ من بؤس عيشتى ... يمرّ بيوم من نعيمك يحسب
ولما قتل المنصور محمد بن عبد الله اعترضته امرأة معها صبيان، فقالت:
يا أمير المؤمنين، أنا امرأة محمد بن عبد الله، وهذان ابناه، أيتمهما سيفك، وأضرعهما خوفك «4» . فناشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تصعّر لهما خدّك،
اسم الکتاب : زهر الآداب وثمر الألباب المؤلف : الحُصري القيرواني الجزء : 1 صفحة : 123