اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 32
وشرابٍ خسروانّيٍ، إذا ... ذاقه الشيخ تغنَّى وأرجحن
وقال:
وسماعٍ يأذن الشّيخ له ... وحديثٍ مثل ماذيٍّ مشار
فكيف لنا بأبي بصير؟ فلا تتُّم الكلمة إلا وأبو بصيرٍ قد خمسهم، فيسبَّحون الله ويقدّسونه ويحمدونه على أن جمع بينهم، ويتلو، جمّل الله ببقائه، هذه الآية: " وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ".
فإذا أكلوا من طيّبات الجنَّة، وشربوا من شرابها الذي خزنه الله لعباده المتّقين قال، كتَّ الله أنف مبغضه: يا أبا أمامة إنَّك لحصيف الرأي لبيبٌ، فكيف حسَّن لك لبُّك أن تقول للنُّعمان بن المنذر:
زعم الهمام بأنَّ فاها باردٌ ... عذبٌ. إذا ما ذقته قلت ازدد
زعم الهمام، ولم أذقه، بأنّه ... يشفى ببرد لثاتها العطش الصدى
ثمَّ استمرَّ بك القول، حتى أنكره عليك خاصَّةٌ وعامَّةٌ؟
فيقول النابغة بذكاءٍ وفهم: لقد ظلمني من عاب عليَّ، ولو أنصف لعلم أنَّني احترزت أشد احترازٍ. وذلك أنَّ النعمان كان مستهتراً بتلك المرأة، فأمرني أن أذكرها في شعري، فأردت ذلك في خلدي فقلت: إن وصفتها وصفاً مطلقاً، جاز أن يكون بغيرها معلَّقاً. وخشيت أن أذكر اسمها في النَّظم، فلا يكون ذلك موافقاً للملك، لأنَّ الملوك يأنفون من تسمية نسائهم، فرأيت أن أسند الصَّفة إليه فأقول: زعم الهمام، إذ كنت لو تركت ذكره لظنَّ السَّامع أن صفتي على المشاهدة، والأبيات التي جاءت بعد، داخلةٌ في وصف الهمام، فمن تأمَّل المعنى وجده غير مختلٍّ. وكيف ينشدون: وإذا نظرت فرأيت أقمر مشرقاً وما بعده؟
اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 32